للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتأبد إلى أن يصرح بالإبطال، أو يأتي بما يدل عليه. وعند أبِي حَنِيْفَةَ وأحْمَدَ أنها تمتد امتداد المجلس للعلم بالشفعة. وعند مالك: تمتد سنة في رواية ومدة يغلب على الظن فيها الإسقاط والترك فيها في الأخرى.

قال الغزالي: والصَّحِيْحُ أنَّهُ عَلَى الفَوْرِ وأنَّهُ يَسْقُطُ بَكُلِّ ما يُعَدُّ تَقْصِيرًا أو تَوانِيًا فِي الطَّلَبِ، فإِذَا بَلَغَهُ الخَبَرَ فَلْيَنْهَضُ عَنْ مَكَانِهِ طَالِبًا، فَإنْ كَانَ مَمْنُوعًا بِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ فِي باطِلٍ فَلْيُوكِّلْ، فإِنْ لَمْ يُوَكِّلْ مَعَ القُدْرَةِ بَطَلَ حَقُّهُ (و) إِنْ لمْ يَكُنْ في التَّوْكِيلِ مَؤْنَةٌ وَمِنَّه ثَقِيلةٌ، فإنْ لَمْ يَجِدْ الوَكِيلَ فَلْيُشْهِدهُ، فَإنْ تَرَكَ الأِشْهادَ فَفِي بُطْلاَنِ حَقِّهِ قَوْلاَنِ، وإنْ كَانَ المُشْتَرِي غائِبًا وَلَمْ يَجِدْ في الحَالِ رُفْقَةً وَثِيْقَةً لاَ يَبْطُلُ حَقُّهُ، وَإِنْ كَانَ فِي حَمَّامٍ أَوْ عَلَى طَعَامٍ أَوْ فِي صَلاةٍ نَافِلَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ (و) قَطْعُهَا عَلَى خِلاَفِ العَادَةِ.

قال الرافعي: إنما أعاد ذكر الفَوْر، فقال: "والصحيح أنه على الفور" لأنه أراد التفريج عليه. واعلم أنا إنما نحكم بالفور بَعْد علم الشفيع بالبيع.

أما إذا لم يعلم حتى مضت سنون، فهو على حقِّه.

ثم إذا علم فلا يكلّف ابتدارًا على خلاف العادة بالعد ونحوه، بل يرجع فيه إلى العُرْف فما يعد تقصيرًا أو توانيًا في الطلب يسقط الشفعة، وما لا يعد تقصيرًا لاقتران عذر به لا يسقطها، والأعذار ضربان:

أحدهما: ما لا ينتظر زواله عن قرب كالمرض المانع من المطالبة، فينبغي للمريض أن يوكل إن قدر عليه، وإن لم يفعل فثلاثة أوجه:

أصحها: بطلان الشفعة، كما لو أمكنه الطلب بنفسه فقصر.

والثاني وبه قال أبُو علِيٍّ الطَّبَرِيُّ: لا يبطل؛ لأنه يلزمه في التوكيل مِنَّة أو مُؤْنَة.

والثالث: إن لم يلزمه فيه مِنَّة ولا مؤْنَة ثقيلة يبطل حقه، وإن لزمه أحدهما لم يبطل. وإن لزمه أحدهما لم يبطل.

وإن لم يمكنه التوكيل، فليشهد على الطلب، فإن لم يشهد فقولان، أو وجهان:

أظهرهما: أنه يبطل حقه؛ لأن السكوت مع التمكن من الإشهاد مشعر بالرضا.

والثاني: لا يبطل، وإنما الإشهاد لاثبات الطلب عند الحاجة، وهذا ما اختاره الشيخ أبُو مُحَمَّدٍ. والخوف من العدو كالمرض، وكذا الحَبْس إن كان ظلمًا أو بِدَيْنٍ هو معسر به، وعاجز عن بَيِّنَة الإعسار، فإن حبس بحق، فإن كان مليئًا فهو غير فعذور، بل عليه الأداء والخروج.

<<  <  ج: ص:  >  >>