للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بُنِيَ العَقْدُ لَهُ عَلَى المَصْلَحَةِ، وَإِنْ أُعْتِقَ العَبْدُ المُكْري لَمْ تَنْفَسِخِ (و) الإِجَارَةُ، وَلاَ خِيَارَ (و) لِلْعَبْدِ، وَلاَ يَرْجِعُ بالأُجْرَةِ عَلَى السَّيِّدِ في أَقْيَسِ الوَجْهَيْنِ، وَنَفَقَتُهُ عَلَى بَيْتِ المَالِ في هَذِهِ المُدَّةِ، وَقِيلَ: إِنَّها عَلَى السَّيِّدِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الفصْلُ يشتملُ على ثلاث مسائل:

الأُولى: إِجارةُ الوَقْف يُفْرَضُ تارة من الموقُوف عليه، وأخْرَى من المتولِّي، وبيان الحالَتَيْن موكول إلى "كتاب الوقْف" فإِذا أجَّر البَطْنَ الأوَّلَ من الموقوف علَيْهم، ثم مات في أثناء المدَّة، فأحد الوجهَيْن: أن الَإجارة تبْقى بحالها؛ لأنَّها لازمةٌ، فلا تتأثَّر بموْتِ العائد، كما لو أجَّر ملكه.

وأصحُّهما: المَنْعُ؛ لأنَّ المنافع بعْد موته لغيره، ولا ولايةَ له علَيْه، ولا نيابةَ عَنْه، فلا يمكِنُه التصرُّف في حقِّه، وسواء الوجهان على أن البطن الثانِيَ يتلقَّى الاستحقاق من الأوَّل، أو من الواقِف، إن قلْنا بالأول، فالإجارةُ بحالها، كما لو أجَّر ملكه، ومات في المدة، وإنْ قلْنا بالثاني، فلا ثُمَّ عبارة المعْظَم في المسْأَلة "الانْفِسَاخُ وعدمه" فقالوا: في وجْه: ينْفَسِخ الإجارَةُ وفي وجه لا تَنْفَسخ، ولم يستَحْسِنْها الصَّيْدَلاَنِيُّ والإمام وطائفةٌ؛ لأن الانفساخ يُشْعِر بسَبْق الانعقاد، وردُّوا الخلاف إلَى أنَّا، هل نبيَّن البطْلاَنَ؛ لأنا تبَينَّا أنه تصرُّف فيما لم يَمْلِكْه؟ وإذا حكَمْنا ببقاءِ الإجَارة، فحِصَّة المدَّة الباقيةِ منَ الأجْرة تكونُ للبَطْنِ الثَّاني، فإنْ أتْلَفَها الأوَّلُ، فهيَ دَيْن في تركته، وليْسَ هذا كما إذا أجَّر ملكه، ومات في المدَّة؛ حيث تكونُ جميع الأجرة تركةً له تقضي منْها ديونَهُ، وتنفِّذُ وصاياه، وفَرَقُوا بأنَّ التَّصَرُّفَ هناك ورَدَ على خالِصِ حَقِّه، والباقي له بعْد الإجارة رقبةٌ مسلوبةٌ المنفعةِ في تلْك المدة، فينتقلُ إلى الوارث كذلك.

وإن قلنا: إنَّها لا تبقَى، فهل تبطلُ فيما مضى؟

قال ابْنُ الصَّبَّاغ: يُبْنَى على الخِلاَفِ في تفْريق الصَّفْقة، إن قلنا: لا نُفَرِّق، كان للبطْنِ الأول أجرةُ المثْل؛ لما مَضَى. وأما إذا أجَّر الوقف المتولّي، فموته لا يؤثِّر في الإجارة؛ لأنَّه ناظرٌ للكل، ولا يختصُّ تصرُّفه ببَعْض الموقُوف علَيْهم.

وحكى القاضي الرُّويانيُّ وجهاً آخر أنهَا تَبْطُل، فهو كالخِلافِ فيما إذا أجَّر الولِيُّ الصَبىَّ، فبلغ في المدة بالاحتلام (١).

المسألة الثالثة: للوليِّ إجارة الطفلِ ومالِهِ، أباً كان أو وصيّاً، أو قَيِّماً، إذا رأى المصلحةَ فيها، لكن لا تجاوِزُ مدةَ بلوغِهِ بالسِّنِّ، فلو أجَّره مدَّةً، فبلغ (٢) في أثنائها؛ بأن


(١) في د: فبلغ بالاحتلام في المدة الباقية.
(٢) في ز: يبلغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>