للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل غلبوا الكفار بالقَتْل بعد رَفع عيسى عليه السلام.

وقيل: إنَّ ظهور المؤمنين منهم هو بمحمد - صلى الله عليه وسلم -

(فقالوا أبَشَر يَهْدونَنا) :

استبعدوا أن يرْسل الله بشراً، أو تكبَروا عن اتباع بَشر.

والبشر يقع على الواحد والجماعة.

(فإذَا بلَغْنَ أَجلَهنَّ فأمْسكوهنَّ بمعروف أو فَارِقوهنَّ بمعروف) :

يعني في أداء الصدَاق والإتباع حين الطلاق.

وبلوغ الأجل خطابٌ بآخر العدة.

والإمساك بمعروف هو تحسين العشرة وتَوْفِية النفقة.

فإن قلت: ما الحكمة في تعبيره في آية البقرة بالسراح في مكان الفراق هنا؟

والجواب لاكتناف آية البقرة النهي عن مضارَّة النساء وتحريم أخْذ شيء منهن

ما لم يكن منهن ما يسوغ ذلك من ألاَّ يقما حدودَ الله، فلما اكتنفها ما ذُكر

واتْبع ذلك بالمنع عن عَضْلِهنَّ، وتكرر أثناء ذلك ما يفهم الأمر بمجاملتهن

والإحسان إليهن حالَي الاتصال والانفصال لم يكن لينَاسِبها - قصد من هذا أن يعبّر بلفظ: (أو فارقوهن) ، لأن لفظ الفراق أقرب إلى الإساءة منه إلى

الإحسان، فعوَّل إلى ما يحصل منه المقصود مع تحسين العبارة، وهو لفظ

التسريح.

فقال تعالى: (فأمْسِكوهنَّ بمعروفٍ أوْ سرحوهن بمعروف) ، وليجري مع ما تقدم من قوله تعالى: (الطلاق مرَّتَان فإمساكٌ بمعروف أو تسريح بإحسان) .

وقيل هنا: بإحسان، ليناسب به تعالى المذكور من قوله: (أو تسريح) .

وقد رُوعي في هذه الآي كلِّها مقصد التلطّف، وتحسين الحال في الصحبة والافتراق، ولما لم يكن في سورة الطلاق تعرّض لعَضْل، ولا ذِكْر مضارة - لم يذكر، وورد التعبير بلفظ: (أو فارقوهنَّ) ، على الانفصال، ووقع الاكتفاء فما يراد من المجاملة في الحالين بقوله: معروف، وبانَ افتراق القِصتين في السورتين، وورود كل من العبارتين على ما يجب.

(فأنْفِقوا عليهنَّ حتى يضَعْنَ حَمْلهن) :

اتفق العلماء على وجوب النفقة للمطلقة الحامل، عملاً بهذه الآية، إذَا كان الطلاق رجْعِيًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>