للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحمد هاتين الآيتين، دون أن يعلق عليهما، يفهم منه أنه يرى حجية شرع من قبلنا، ولو لم يكن ذلك ما كان لذرهما فائدة، فهو لم يصرح بالحجية، ولكنه أومأ إليها.

٤ - ومما نسب إليه أيضاً عدم اعتداده بإجماع غير الصحابة. قال أبو الخطاب: (لا يعتد بإجماع غير الصحابة. وقد أومأ إليه أحمد في رواية أبي داود: الإتباع أن يتبع ما جاء عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعن أصحابه وهو بعد في التابعين مخير" (١). والذي يفهم من هذا الكلام عدم حجية إجماع التابعين، لأنه لو كان حجة لما أجاز لمن جاء بعدهم الخيار.

٥ - ومن ذلك وجه خُرج للإمام أحمد، وهو: إنه لا يجوز تخصيص عام السنة بخاص الكتاب. فقد ذكر القاضي أبو يعلي أن الإمام أحمد – رحمه الله – أومأ إليه في رواية حنبل وغيره، فقال: السنة مفسرة للقرآن ومبينة له. وظاهر هذا أن البيان يقع بها (٢). وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز أن يخصصها القرآن، لأنه لو كان كذلك، لكان هو المبين للسنة لا العكس (٣).

مرتبة غير الصريح: ونظراً إلى أن ما يدل بظاهره أو إيمائه أو دلالته أو غير ذلك من الطرق غير الصريحة، دون ما يدل بنصه غير المحتمل للتأويل، فإن الرأي يميل إلى ترجيح النص غير المحتمل للتأويل على ما سواه. وإن ما ورد عن الإمام نصاً أو بلفظه الصريح ينبغي أن يكون مقدماً على ما علم من رأيه باللف المحتمل لجملة من المعاني.

ومن أجل هذا الاحتمال الدلالي نجد كثيراً من الآراء المنسوبة إلى بعض الأئمة عن طريقها، كانت مجالاً للنقد، ولإبداء وجهات نظر تختلف في نتائجها عما نسبه المخرج للإمام، وإذا كان للإمام رأي ثابت بالنص


(١) المصدر السابق ٣/ ٢٥٦.
(٢) العدة ٢/ ٥٧٠.
(٣) المصدر السابق هامش ٢ لمحقق الكتاب د. أحمد بن علي سير المباركي.

<<  <   >  >>