للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي هي في يده، وكتب في القضاء: إني إنما قبلت بينة فلان المدعي بعد إقرار الذي في يده الدار بأن هذه الدار لفلان، ولم يكن فلان المقر له، ولا وكيل له- حاضراً؛ فقبلت البينة لفلان المدعي على هذا الدار- ويحكي شهادة الشهود- وقضيت بها على فلان الذي هي في يده، وجعلت فلاناً المقر له بها على حجته يستأنفها، فإذا حضر أو وكيل له، استأنف الحكم بينه وبين المقضي له.

ولو أقام صاحب اليد – أيضاً- بينة بأن العين للغائب، قال الشافعي- كما حكاه في "البحر"-: حكمت ببينة المدعي، وسلمت الدار إليه، ولا حكم لبينة الغائب.

ومشى العراقيون على هذا؛ بناء على جزمهم في الحالة السابقة بالوجه الثاني، لكن فيما إذا كان صاحب اليد قد أسند يده إلى إيداع أو عارية.

ووجهوه بأن هذه بينة مقامة من غير طلب [صاحب] الحق ولا وكيله؛ فلم يثبت بها الملك؛ كما إذا حجر الحاكم على شخص بالفلس، وأراد قسمة ماله بين غرمائه، فشهد شاهدان: أن هذه العين ملك فلان الغائب- لا يلتفت إلى تلك الشهادة، ولا تؤخر القسمة من أجلها، بل تقسم العين بين الغرماء.

نعم، لو كان صاحب اليد قد أسند يده إلى رهن أو إجارة، وأقام بينة على الغائب بذلك، وله بالملك- فوجهان:

أحدهما: لا يقضي له بذلك؛ كما لو كانت وديعة؛ [وهذا ما اختاره أبو إسحاق؛ كما حكاه في "الحاوي".

والثاني: يقضي له بالإجارة أو الرهن، وللغائب بالملك]؛ لأنه قد تعلق به حق لهذا الحاضر؛ فأشبه ما لو كان المقر له حاضراً، وأقام بينة بالملك.

قلت: وهذا يمكن بناؤه على أن للمستأجر والمرتهن حق المخاصمة عند غصب العين، وهو الذي اختاره القفال؛ كما حكاه الرافعي في آخر هذا الكتاب، وقد نسب الإمام هذا الوجه إلى رواية العراقيين عن أبي إسحاق، وفي "المهذب" و"الإشراف"، و"البحر": أن أبا إسحاق رواه عن بعض الأصحاب، وليس بشيء بالاتفاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>