للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولنا: إنما حكم عليه بالرق باعترافه، احترزنا به عما إذا أقام كل واحد منهما بينة على ملكه، فأقر هو لأحدهما؛ فإنه لا تترجح بينة المقر له بهذا الإقرار؛ لأن البينة أسقطت قوله؛ لكونها حجة عليه.

فإنقلت: قد قال الأصحاب في كتاب الإقرار: إنه إذا أقر رجل بعبد في يده لرجل، فقال العبد: ملكي لرجل آخر- لا يقبل إقرار العبد، وكان للذي أقر [له] به السيد؛ لأن العبد في يد المقر، وليس في يد نفسه.

ولأ، الإقرار بالرق إقرار بالمال، والعبد لا يقبل إقراره بالمال المتعلق برقبته؛ وهذا موجود في إقراره لأحد المتنازعين في رقه.

قلت: لعل ما قاله الأصحاب في الإقرار محمول على ما إذا سبق ثبوت الرق على العبد قبل إقراره، وفي مسألتنا لم يسبق ثبوت رق على الإقرار، بل وقع ممتزجاً به؛ فلذلك اعتبر.

ويدل على ما ذكرته: أن ابن الصباغ وجه [عدم قبول] قول العبد بأن من هو في يده لو أقر به لشخص، ولم يقر له العبد ولا لغيره- قبل إقرار السيد.

قال: ولو كان يقبل فيه إقرار العبد، لم يقبل فيه إقرار السيد؛ كجناية العبد؛ وهذا يدل على أن الرق سابق على الإقرار، وإلا لما قبل إقرار من هو في يده أيضاً، والله أعلم.

وما ذكرناه من قبول قول البالغ عند دعواه الحرية، وقد تنازع فيه اثنان- جار فيما لو لم يدع رقه إلا واحد.

ولا فرق فيه بين أن يكون في يده وهو يستخدمه، ويستصغره استصغار العبيد، أو لا؛ ولا بين أن تتداوله الأيدي، ويجري عليه البيع والشراء مراراً، وهو ساكت، وجوزناه، أم لا.

وهذا مما لم يختلف الأصحاب فيه؛ لأن التصرف مع استمرار ظاهر اليد وإن أفاد دلالة ظاهرة على الملك في غير ما نحن فيه، فإنما يدل على تعين الملك إذا كان الشيء مملوكاً؛ فيظهر من اختصاص الإنسان باليد والتصرف وعدم النكير عليه تعينه

<<  <  ج: ص:  >  >>