للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيانه: أن من أقام البينة منهما أولاً، فإنه يقيمها على ملك النصف الذي في يد صاحبه، والثاني يقيمها على ملكه للكل، وتسمع منه؛ لأنه في النصف الذي في يد صاحبه خارجي، وفي النصف الذي في يده داخلي، فقد قامت عليه البنية بما في يده، ويحتاج من أقام البينة على النصف أولاً أن يقيمها ثانياً على ملكه لما كان في يده.

قال الرافعي: وكأن هؤلاء امتنعوا من إجراء الأقوال، وقالوا: موضع الأقوال ما إذا خلت البينتان عن الترجيح، واليد من أسباب الترجيح.

والحاصل للفتوى على الطريقين معاً: إبقاء المال في يديهما كما كان، ومحلهما: إذا شهد شهود كل واحد منهما له بجميع المال- كما ذكرناه- فأما إذا شهد شهود كل واحد منهما بالنصف الذي في يد صاحبه، فالبينتان لم تتواردا على شيء واحد حتى يقال بالتعارض، ولا يد للمدعي في المشهود به حتى [يترجح] جانبه، ولكن يحكم القاضي لزيد بما في يد عمرو، ولعمرو بما في يد زيد، ويكون المال في يدهما- أيضاً- كما كان، ولكن بجهة التساقط، لا بجهة الترجيح باليد.

وفي "الإبانة" في هذه الحالة- أعني: حالة إقامة كل منهما [البينة] على ملك جميع الدار-: أنه يجيء قول القسمة، ولا يجيء قول الوقف؛ إذ لا معنى للتوقف مع ثبوت اليد، وهل تجيء القرعة؟ فيه وجهان.

وكلام الإمام الذي حكيناه من قبل عند الكلام فيما إذا كانت العين في يد أحدهما، يأبى ذلك، ويقتضي موافقة الشيخ أبي حامد، وقد صرح به في موضع آخر؛ حيث قال: إن كل واحد منهما إذا أقام بينة، والعين في يديهما، لم تؤثر البينتان في تغيير ما كانا عليه قبل الخصام، بل كل واحد على نصف الدار، غير أنهما كانا على ظاهر اليد، وقد ثبت الملك لكل واحد منهما في النصف.

قال: وإن كانت بينة أحدهما شاهدين، وبينة الآخر شاهداً ويميناً- ففيه قولان:

أحدهما: [أنه] يقضي به لصاحب الشاهدين؛ لأنها بينة مجمع عليها،

<<  <  ج: ص:  >  >>