للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبينة الآخر مختلف فيها.

وأيضاً: فإن التهمة متوجهة في اليمين، وغير متوجهة في الشهادة؛ وهذا أصح في "الحاوي"، و"النهاية" وعند الغزالي، وصاحب "المرشد"، والنواوي، وغيرهم.

وقال في "البحر": إنه ليس بشيء.

والثاني: أنهما سواء؛ لأنهم استويا في إثبات الملك عند الانفراد؛ فأشبه ما لو كانت بينة أحدهما شاهدين، وبينة الآخر شاهداً وامرأتين؛ فإنه لا تترجح إحداهما على الأخرى؛ على المشهور.

وادعى الإمام فيه اتفاق الأصحاب؛ وهذا ما حكاه القاضي الحسين قبيل كتاب الدعاوى من الجديد.

وعلى هذا قال: فتتعارضان، وفيهما قولان، وقد سبق توجيههما.

وعن الماسرجسي رواية قول آخر حكاه الفوراني- أيضاً-: أن الرجلين يترجحان على رجل وامرأتين؛ لزيادة الوثوق بقولهما؛ وكذلك يثبت بقول رجلين ما لا يثبت بقول رجل وامرأتين، وقد أبدى الإمام هذا احتمالاً لنفسه؛ تفريعاً على ما سنذكره عن القديم وأيده: بأن من أقام رجلاً شاهداً، وأراد أن يحلف معه في المال، أمكنه ذلك، ولو أقام امرأتين، وأراد أن يحلف معهما، لم يجز.

قلت: ولو بني الخلاف في تعارض الشاهدين، والشاهد واليمين على أن الحكم عند وجود الشاهد واليمين يقع [باليمين، أو بالشاهد]، أو بهما- لم يبعد، ويقال: إن قلنا: إنه يقع باليمين، أو بهما- فلا تعارض؛ لما تقدم أن البينة أقوى من اليمين. وإن قلنا: يقع بالشاهد فقط، فيجيء التعارض؛ لأن الحكم إذا وقع بالشهادة، لم ينظر إلى عدد الشهود؛ ألا ترى أنه إذا أقام أحدهما شاهدين، والآخر عشرة- وقع التعارض؟

على أن الماوردي والقاضي الحسين وغيرهم قد حكوا عن القديم قولاً: أن البينة المشتملة على زيادة عدد أولى، والحكم بها أحق، وطردوه فيما إذا كانت إحدى البينتين أظهر في العدالة من الأخرى؛ كما هو مذهب الإمام مالك فيهما.

والأكثرون نفوا عن الشافعي هذا القول، وجزموا بعدم الترجيح في هاتين

<<  <  ج: ص:  >  >>