للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني- وهو الصحيح-: أن التي شهدت بالملك القديم أولى؛ لأنها انفردت بإثبات الملك في زمان لا تعارضها فيه الأخرى؛ فوجب وقف التعارض وأمضي ما ليس فيه تعارض.

ولأن ثبوت ملك المقدم يمنع أن يملكه المتأخر إلا عنه، ولم تتضمنه الشهادة له؛ فلم يحكم بها.

وهذا ما رواه الربيع، واختاره المزني والأكثرون، ومنهم الشيخ أبو حامد وسالكو طريقه، والماوردي، والبغوي، وقال في "الشامل": إنه ظاهر المذهب. وقال القاضي الحسين والشيخ أبو علي: إنه القديم.

ويجري القولان- كما قال القاضي أبو الطيب، والبندنيجي- فيما إذا أقام أحدهما بينة: أنه ملكه من سنة إلى الآن، وأقام الآخر بينة [على أنه] ملكه الآن.

وفي بينة الزوجين على الزوجية إذا سبق التاريخ؛ كما قال الغزالي.

وكذا فيما إذا تعارضتا مع اختلاف التاريخ بسبب الملك؛ كما إذا أقام أحدهما بينة أنه اشتراه من زيد منذ سنة، والآخر [بينة] أنه اشتراه من عمرو منذ شهر.

وكذا فيما إذا تنازعا أرضاً مزروعة، وأقام أحدهما بينة: أنها أرضه زرعها، والآخر بينة أنها ملكه مطلقاً؛ لأن البينة التي شهدت بالزرع تثبت الملك في وقت الزراعة؛ هكذا ذكره صاحب "التهذيب"؛ تصويراً وتوجيهاً.

قال الرافعي: وفيه ما يبين أن سبق التاريخ لا يشترط أن يكون بزمان معلوم؛ حتى لو قامت بينة: أنه ملكه منذ سنة، وأخرى على أنه ملكه أكثر من سنة- كان موضع الخلاف.

قال: فعلى هذا إن كان مع أحدهما بينة بالملك القديم، أي: بالملك من سنة، ومع الآخر، أي: الذي شهدت له البينة بالملك من شهر، [يد] فقد قيل: صاحب اليد أولى؛ لأن [اليد أولى من] الشهادة بالملك القديم؛ كما سنذكره. وهذا ما نص عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>