للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحده- فقد قيل: بينة النتاج أولى- أي: وإن قلنا: إن البينة بالملك المتقدم لا يرجح بها- لأنها تنفي أن يتقدم عليه ملك لغيره، والشهادة بقديم الملك لا تنفي ذلك.

وأيضاً: فإن بينة الأقدم شهدت بالملك دون سببه؛ فساوت بينة الأحدث، وبينة النتاج شهدت بالملك وسببه؛ فكانت أولى؛ ألا ترى أنه لو شهد شاهدان أن هذا الولد ابن فلان، وشهد آخران أنه ابن هذا ولد على فرشه- كانت بينة الفراش أولى؛ لأنها شهدت بالنسب وسببه؟

وهذه طريقة أبي إسحاق وجمهور الأصحاب؛ كما قاله الماوردي، [وبها جزم القاضي أبو الطيب في كتاب العاقلة]، وفي "الشامل": أن هذا ضعيف. والقائلون بهذه الطريقة قصدوا بما ذكروه من الفرق الرد على المزني؛ فإنه استشهد لما اختاره في المسألة السابقة بنص الشافعي على أن بينة النتاج- كما ذكرنا-[أولى].

قال: وقيل: على قولين؛ كالمسألة قبلها؛ لأنه ليس في بينة النتاج أكثر من الشهادة بملك متقدم، فلتكن على القولين. وهذه طريقة ابن سريج وأكثر الأصحاب؛ كما [قاله الرافعي، وجميع الأصحاب؛ كما] قاله الإمام.

وحكى الماوردي عن ابن خيران: [أن] ابن سريج كان يقول: الشهادة بالنتاج ليستمن منصوصات الشافعي، وإنما أوردها المزني من تلقاء نفسه.

ثم الطريقان في مسألة النتاج يجريان- كما قال الماوردي- فيما لو تنتازعا ثوباً، وأقام أحدهما البينة على أنه له، نسجه في ملكه، و [أقام] الآخر البينة على أنه له.

ومن طريق الأولى: إذا تنازعا تمرة أو حنطة، فشهدت بينة أحدهما بأنها حدثت في ملكه من شجرته أو بذره؛ كما صرح به الرافعي.

قال الماوردي: ولا تجري طريقة القطع فيما إذا شهدت بينة أحدهما بسبب الملك من الابتياع أو الميراث، وشهدت الأخرى بالملك من غير ذكر سببه، بل هذه المسألة ملحقة بتقديم الملك. وهذا استنبطه الرافعي من الفرق الذي ذكره الأصحاب بين

<<  <  ج: ص:  >  >>