للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فوجد كما حلف عليه، أن الحكم ينقض ويرد العبد إلى الرق، وقال أبو حنيفة: الحكم ماض ولا يرد العبد إلى الرق، ويغرم الشهود قيمة العبد كما يغرمان ذلك إذا رجعا عن شهادتهما، وفرق ابن عبد الحكم بأن رجوع البينة محتمل للكذب فلا ينتقض الحكم بالاحتمال، ومسألة العبد تيقن كذبهما فيها.

وَيُحَدُّونَ فِي شَهَادَةِ الزِّنَى فِي الصُّوَرِ كَلِّهَا

أي: في الثلاث صور، إذا رجعوا قبل الحكم وبعده وقبل الاستيفاء وبعدها.

فَلَوْ رَجَعَ أَحَدُ الأَرْبَعَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ حُدُّوا، وَبَعْدَ إِقَامَتِهِ حُدَّ الرَّاجِعُ اتِّفَاقاً دُونَ الثَّلاثَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمْ عَبْدُ حُدُّوا أَجْمَعُونَ.

يعني: إذا رجع أحد الأربعة فإن كان رجوعه قبل الحكم حد الجميع، وإن كان بعد إقامة الحد أو بعد الحكم على المشهود عليه حد الراجع اتفاقاً؛ لاعترافه على نفسه بالقذف دون الثلاثة على المشهور، وهو مذهب المدونة؛ لأن الحكم قد نقل شهادتهم وهم باقون عليها، والشاذ أنهم يحدون أيضاً.

قوله: (وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمْ عَبْدُ حُدُّوا أَجْمَعُونَ) نحوه في المدونة والفرق أن الرق وصف ظاهر لا يشك فيه، وأما الرجوع فيحتمل لفسق طرأ أو لميل مع أحد الخصمين أو نحو ذلك، ولهذا ألحقوا بالعبد الكافر والأعمى وولد الزنى والمولى عليه.

فَلَوْ رَجَعَ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةٍ لَمْ يُحَدَّ الْبَاقُونَ؛ لاسْتِقْلالِهِمْ وَلا الرَّاجِعَانِ؛ لأَنَّهُمَا كَقَاذِفَيْنِ شَهِدَ لَهُمَا أَرْبَعَةُ إِلا أَنْ يُكَذِّبَا الشُّهُودَ ..

تصوره ظاهر، واختلف قول ابن القاسم في حد الراجعين فقال مرة هو وعبد الملك: لا يحدان للعلة التي ذكرها المصنف؛ أنهما كقاذفين شهد لهما أربعة بالزنى، وقال مرة: يحدان؛ لاعترافهما على أنفسهما بالقذف.

<<  <  ج: ص:  >  >>