للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم لا تخلو المرأة المشهود بطلاقها إما أن تكون مدخولاً بها أم لا؟ فالمدخول بها لا غرم على الشاهدين؛ لأن الصداق قد استحق عليه بأول وطئه، وإنما فوتا عليه استمتاعاً ولا قيمة له، وشبهه المصنف بشهادة من شهد مستحق القصاص أنه عفا عنه ثم رجعا فإنهما لا غرم عليهما؛ لأنهما إنما فوتا عليه دماً، وشبهه المصنف بالقصاص لإفادة الحكم، فلا يرد عليه أن تشبيهه ليس بجيد؛ لأن التشبيه إنما يكون للخفي بالجلي، والمختلف فيه بالمتفق عليه، والأمر هنا بالعكس فإن البضع ليس بمال البتة، ودم العمد مختلف فيه، هل الواجب القصاص فقط أو التخير بينه وبين الدية؟ ولهذا خالف ابن عبد الحكم في العفو فغرمهما الدية؛ لأنا نقول: إنما يرد هذا لو قصد المصنف بتشبيهه الاستدلال، أما إذا قصد إفادة الحكم فلا، والمشهور أنه لا بأس عليهما إذا رجعا عن شهادتهما أنه عفا عن القصاص.

سحنون: ويجلد القائل مائة ويحبس سنة ويؤدب الشاهدان.

وأما إن كانت غير مدخول بها فقال ابن القاسم: يغرمان نصف الصداق بناءً على أنها لم تملك بالعقد شيئاً؛ لجواز ارتداداها، فبشهادتهما غرم نصف الصداق، وقال أشهب وابن عبد الحكم: لا غرم عليهما، وأفتى به أصبغ بناء على أن نصف الصداق واجب العقد فلم يوجبا على الزوج شيئاً لم يكن واجباً عليه. واعلم أنه نص في المدونة على أنهما يغرمان النصف، وسكت عمن يستحقه، فمن يقول هو الزوج يعلل بما عللنا به، ومن يقول هي الزوجة يرى أن الصداق كان واجباً لها على الزوج، والشاهدان هما اللذان منعاها الباقي فيغرمانه، وانظر كلامه في المدونة على كل من التأويلين، فإنه مبني على خلاف ظاهر المذهب أن المرأة تملك النصف بالعقد، وأيضاً فإنه لا يلتئم ما في المسألة التي بعد هذه وهي قوله:

وَلَوْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَةِ الدُّخُولِ فِي مُطَلَّقَةٍ لَغَرِمَا نِصْفَ الصَّدَاقِ

يعني: إذا طلق الزوج زوجته وأنكر الدخول فشهد عليه به شاهدان وغرم [٦٨٤/ أ] جميع الصداق بشهادتهما ثم رجعا فعليهما نصف الصداق؛ لأنهما أتلفاه، وإن رجع أحدهما غرم ربعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>