للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال جَالينوس في المقالة الأولى من "كِتَابِه في الأخْلاق". وذَكَرَ الوَفَاءَ واسْتَحْسَنَه، وأتى فيه بذِكْرِ القَوْم الذين نُكِبُوا بِأَخْذِ صَاحِبِهم وسَلَّمُوا بالمَكَارِه، يُلْتَمَسُ منهم أن يَبُوحُوا بمَساوِى أصْحابهم وذِكْر مَعَايبهم (a) ، وامْتَنَعُوا من ذلك، وصَبَرُوا على غَلِيظِ المكاره، وأنَّ ذلك كان في سَنَة أَرْبَعَ عَشْرَة وخَمْس مائة للإسْكَنْدَر. وهذا أصَحُّ ما ذُكِرَ من أَمْرِ جَالِينُوس ووَقْتِه ومَوْضِعِه من الزَّمَان (١).

حِكَايَةٌ أُخْرَى

كان جَالِينُوس في أيَّام مُلُوكِ الطَّوائف، في أيَّام قباذ بن شَابُور بن أَشْغَان. ومُنْذُ وَفَاةِ جَالِينُوس إلى عَهْدِنا هذا، على ما أَوْجَبَه الحِسَابُ الذي ذَكَرَه يحيى النَّحْويّ وإسْحاق بن حُنَين بعده، تِسْع مائة سَنَة.

وكان جَالِينُوس وَجِيهًا عند المُلُوكِ كَثِيرَ الوِفَادَة عليهم كَثِيرَ التَّنْقُّلِ فِي البُلْدَانِ طَالِبًا لَمَصَالِح النَّاس، وأكْثَرُ أسْفَارِه إلى مدينة رُومية، فإِنَّ مَلِكَها كان في أيَّامه مَجْذُومًا، فكان يَسْتَحْضره كثيرًا. وكان جالينوس كثيرًا ما يَلْتَقِي مع الإِسْكَنْدَرِ الأفْرُودِيسي، وكان الإسْكَنْدَرُ يُلَقِّبه بـ "رَأْسِ البَغْل" لِعِظَم رَأْسِه.

وتُوفِّي جَالِينُوس أيضًا في أَيَّام مُلُوكِ الطَّوَائِف، وبين المسيح وبَيْنَهُ سَبْعٌ وخَمْسُون سَنَةً، المَسِيحُ أقْدَمُ منه (٢).

تَسْمِيَةُ كُتُبِ جَالِينُوس ونُقُوها وشُرُوحُها

قال محمد بن إسْحَاق: من سَعَادَاتِ حُنَيْن أَنَّ ما نَقَلَه حُبَيْشُ بن الحَسَن


(a) الأصْل: معانيهم.