للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظَهَرَ من المَقَالِصَة في ذلك الوَقْتِ رَجُلٌ يُعْرَفُ بُزُرْمِهر، واسْتَمَالَ جَمَاعَةً منهم وأحْدَثَ أَشْيَاءَ أخَرَ، ولم يَزَلْ أَمْرُهُمُ على ذلك إلى أنِ انْتَهَت الرِّئَاسَةُ إلى أبي سَعِيد رَجَا، فرَدَّهُم في الوِصالات إلى رأي المهرِيَّة. وهو الذي لم يَزَل الدِّينُ عليه في الوِصَالات. ولم يَزَل حَالُهُم على ذَلِك، إلى أنْ ظَهَرَ فِي خِلافَةِ المَأْمُونِ رَجُلٌ منهم، أَحْسَبُه يَزْدَان بُخْت، فخَالَفَ في الأمُورِ وأَزْرَى بهم، ومَالَت إِليه شِرْذِمَةٌ مِنْهم (١).

ومِمَّا نَقَمَتْهُ المَقَالِصَةُ على المَهْرِيَّة

أَنَّهُم زَعَمُوا أَنَّ خَالِدَ القَسْرِيِّ حَمَلَ مِهْرًا على بَغْلَةٍ وَخَتَمَهُ بِخَاتَم فِضَّة وخَلَعَ عليه ثِيَابَ وَشْي. وكان رئيسَ المَقَالِصَة في أيَّام المأمُون والمعتصم، أبو عليّ سَعِيد، ثم خَلَفَهُ بَعْدُ كَاتِبُه نَصْرُ بن هُرْمُرَد السَّمَرْقَنْدِي. وكانوا يُرَخِّصُون لأُهْلِ المَذْهَبِ والدَّاخِلِين فيه أشْيَاءَ مَحْظُورَة في الدِّين وكانوا يُخَالِطُون السَّلاطين ويُؤاكِلُونَهم. وكان من رُؤَسَائِهِم أبو الحَسَن الدِّمَشْقِي.

وقُتِلَ مَانِي في مَمْلَكَة بَهْرَام بن شَابُور (٢). ولما قَتَلَهُ، صَلَبَهُ نِصْفَين، النِّصْفُ الوَاحِدُ على بَاب والآخَرُ على البَابِ الآخر من مَدِينَة جُنْدَيْسَابُور، ويُسَمَّى المَوْضِعَان: المارّ الأغلى والمارّ الأسْفَل. ويُقَالُ إنَّه كان في مَحْبَسِ شَابُور، فلمَّا مَاتَ شَابُورُ أَخْرَجَهُ بَهْرَام، ويُقَالُ بل مَاتَ في الحَبْسِ، والصَّلْبُ لا شَكّ فيه.

وحَكَى بَعْضُ النَّاسِ، أَنَّه كان أحْنَفَ الرّجُلَين، وقيل الرّجل اليُمْنَى (٣). وماني يَنْتَقِصُ سَائِرَ الأَنْبِيَاء في كُتُبِه، ويُزْرِي عليهم ويَرْمِيهم بالكذب وأنَّ الشَّيَاطِينَ


(١) ٤٩ - ٥٠ pp. ،.M. CHOKR، op. cit ، وانظر عن يَزدانُ بُخت، فيما يلي ٤٠٥ - ٤٠٦.
(٢) نحو سنة ٢٧٤ أو ٢٧٧ للميلاد، في عَهْد بهرام (وَهْرَام) بن هُرْمُ بن شَابُور، ثالث الملوك الساسانيين (٢٧٣ - ٢٧٦ م).
(٣) انظر فيما تقدم ٣٧٩ هـ.