للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا ذَكَرَهُ إِبْرَاهِيمُ بن العَبَّاس الصُّولِيّ في "كِتَاب الدَّوْلَة العَبَّاسِيَّة" (١). والله أعْلَمُ بالصَّوَاب.

المُسْلِمِيَّة

ومن الاعْتِقَادَاتِ التي حَدَثَت بخُرَاسَان بعد الإسْلام: المُسْلِمِيَّة أَصْحَابُ أبي مُسْلِم <الخُرَاسَانِيّ>، يَعْتَقِدُونَ إمَامَتَه ويَقُولُونَ إِنَّه حيٌّ يُرْزَق. وكان المَنْصُورُ لما قَتَلَ أبا مُسْلِمٍ، هَرَبَ دُعَاتُه وأَصْحَابُه المتُحَقِّقُون به إلى نَوَاحِي البِلاد. فَوَقَعَ رَجُلٌ يُعْرَفُ بإسْحَاق إلى التُّرْك، إلى بِلادِ مَا وَرَاء النَّهْر وأقام بها دَاعِيَةٌ لأبي مُسْلِم، وادَّعَى أَنَّ أبا مُسْلِم مَحْبُوسٌ في جِبَالِ الرَّيَّ. وعندهم، أنَّه يَخْرُجُ فِي وَقْتٍ يَعْرِفُونَه، كما يَزْعُم الكَيْسَانِيَّة في محمد بن الحنفية (٢). قال حَاكي هذا الخَبَر: وسَأَلْتُ جَمَاعَةً لِمَ سُمِّي إسْحَاقُ بالتُّرْك؟ فقالوا: لأنَّه دَخَلَ إلى بِلادِ التُّرْك يَدْعُوهُم بِرِسَالَةِ أَبي مُسْلِم. وذَكَرَ قومٌ أنَّ إسْحَاقَ من العَلَوِيَّة، وإنَّما تَسَتَّر بهذا المذهَب عِنْدَهُم، وهو من وَلَدِ يحيى بن زَيْد بن عليّ. وقال: إنَّه خَرَجَ هَارِبًا من بني أُمَيَّة يَجُولُ بِلادَ التُّرْكِ.

وقال صَاحِبُ كِتَابِ "أَخْبَار مَا وَرَاء النَّهْر من خُرَاسَان": حَدَّثَنِي إِبْراهِيمُ بن محمَّد - وكان عالِمًا بأمُورِ المُسْلِمِيَّة - أنَّ إِسْحَاقَ إِنَّما كان رَجُلًا من أهْلِ ما وَرَاء النَّهْر، وكان أُمِّيًا، وكان له تَابِعَةٌ من الجنّ، فكان إذا سُئِلَ عن شيءٍ أَجَابَ بعد لَيْلَةٍ. فلمَّا كان من أبي مُسْلِم ما كان، دَعَا النَّاسَ إِليه وزَعَم أنَّه نَبِيٌّ أَنْفَذَهُ زَرَادَشْت، وادَّعَى أَنَّ زَرَادَشْت حيٌّ لم يَمُت. وأَصْحَابُه يَعْتَقِدون أنَّه حَيٌّ لا يَمُوت، وأنَّه يَخْرُجُ حتى يُقِيمَ هذا الدِّينَ لهم، وهذا من أسْرَارِ المُسْلِمِيَّة.


(١) انظر فيما تقدم ١: ٣٧٩ حيث سَمَّاه كتاب "الدَّوْلَة".
(٢) قارن مع وداد القاضي: الكيسانية في التاريخ والأدب، بيروت - دار الثقافة ١٩٧٤، ١٦٨ - ١٩٦، ٢٢٥ - ٢٢٦.