للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسُّجُود. فهم يَسْجُدُونَ لهذا الصَّنَم، ويَطُوفُون حَوْلَه بالدَّخْن والمَزَاهِر والمَعَازِف. ولهذا الصَّنَم ضِيَاعٌ وغَلَّاتٌ، وله سَدَنَةٌ وقُوَّامٌ يَقُومُون بَمَصْلَحَتِه ومَصْلَحَة ضِيَاعه. وعِبَادَتُه في النَّهَارِ ثَلاثَ دَفَعَات لهم فيها ضُرُوبٌ من الأقَاوِيل. ويَأْتِيه أصْحَابُ الأَسْقَام والجُذام والبَرَص والزَّمَانَة وغير ذلك من الأمَرَاض الفَظِيعَة، يُقِيمُون عِنْدَه ويَبِيتُون اللَّيَاليَ، ويَسْجُدُون ويَتَضَرَّعُون ويَسْأَلُونه أَنْ يُبْرِئَهُم. ولا يَأْكُلُون ولا يَشْرَبُون ويَصُومُون له، فلا يَزَالُ المَرِيضُ كذلك حتى يَرَى في مَنَامِه كأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ له: "قَدْ بَرَأتَ وبَلَغْتَ المُرَادَ". ويُقَالُ إِنَّ الصَّنَمَ يُكَلِّمُهُ فِي مَنَامِه فيَبْرأ ويَرْجِع إلى حَالِ الصِّحَّة.

ومنهم أهْلُ مِلَّةِ الْجَنْدَرْبَهْكَتِيَّة وهم عُبَّادُ القَمَر

يَقُولُون إنَّ القَمَر من المَلائِكَة، يَسْتَحِقَّ التَّعْظِيم والعِبَادَة. ومن سُنَّتِهم أنْ يَتَّخِذُوا له صَنَمًا على عَجَلٍ، يَجُرُّ العَجَلَ أَرْبَعَةُ بُطُوط، وبِيَدِ ذَلِكَ الصَّنَم جَوْهَرٌ يُقَالُ له جَنْدَرْبَهْكَت (a) . منْ دِينِهم أَنْ يَسْجُدُوا له ويَعْبُدُوه، وأَنْ يَصُومُوا النَّصْفَ من كلِّ شَهر، ولا يُفْطِرُوا حَتَّى يَطْلُعَ القَمَر. ثم يَأْتُونَ صَنَمَهُ بِالطَّعَامِ والشَّرَابِ واللَّبَن، ويَرْغَبُون إليه ويَنْظُرُون إلى القَمَر ويَسْأَلُونَه حَوَائِجَهُم. فإذا كان رَأْسُ الشَّهْر وهَلَّ (b) الهِلَالُ، صَعِدُوا على السُّطُوح ونَظَرُوا إلى الهلال، وأَوْقَدُوا الدَّخْنَ ودَعَوْهُ عند رُؤْيَتِه ورَغِبُوا إليه. ثم نَزَلُوا عن السُّطُوح إلى الطَّعَامِ والشَّرَاب والفَرْح والسُّرُور ولم يَنْظُرُوا إليه إلَّا على الوجوه الحَسَنَة، وفي نِصْفِ الشَّهْرِ إِذَا فَرَغُوا من


(a) الأصل: جندركنت.
(b) كذا بالنُّسَخ، والصَّواب: أهَلَّ.