للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حِكَايَةٌ أُخْرَى عَنْ غَيْرُ الرَّاهِبِ

قال أبو دُلَفٍ اليَنْبُرُغي: اسْمُ مَدِينَة المَلِك الأَعْظَم تُسَمَّى خُمْدَان (١)، ومَدينَة التجار والأمْوَال خَانْفُو (٢)، وطُولُها أَرْبَعُون فَرْسَخًا وليس كذا، قال الرَّاهِب: حَالَ دون هذا بكَثير. وقال غَيْرُهُ: للصِّين ثَلاثُ مائة مَدِينَةٍ كلُّها عَامِرَة. وعلى كلِّ خَمْسين مَدِينَةٍ مَلِك من قِبَل البَغْبُور. ومن مُدنِهم، دَرْصَنُوا وَقَانْصُوا (٣)، ومَدِينَة يُقَالُ لها أرْمَاتِيل، ومنها إلى بَانْصُوا مَسِيرَة شَهْرَيْن. وبانْصُوا تَتَّصِل بنَاحِيَة التَّبِت والتُّرْك والتُّغُزْغُز وهم لهم مُوَادِعُون. ومن التِّبِت إلى خُرَاسَان وسَاحِل الصِّين على اسْتِدَارَة، يكون ثلاثة آلاف فَرْسَخ. وفي بَلَدِ الصِّين، السيلا، وهي من أطْيَبِ البلادِ وأجَلِّها وأَكْثَرِها ذَهَبًا. وبالصِّين بَوَادِي وجبال ومَفَاوِز إلى نَهْر الرَّمْل. والجبَلُ الذي تَطْلَعُ وَرَاءَه الشَّمْسُ. وقال لي جَمَاعَةٌ من أَهْلِ أَنْدَلُس: إِنَّ بَين بَلَدهم وبَلَدِ الصِّين مَفَاوِز. قال: ويُسَمَّى بَلَدُ الصِّين، الأرض الكَبِيرَة والأنْدَلُس في الشَّمَال. فلذلك قَرُبُوا من مَشْرِق الشَّمْس وبلادِ الصِّين. والمُسَافِرُ في بِلادِ الصِّين مِنَّا وَمِنْهُم، إِذَا سَافَرَ كَتَبَ نَسَبَه وحِلْيَتَه ومَبْلغ سِنِّه ومَبْلَغ ما مَعَه ورَقِيقَه وحَاشِيَتَه، إلى أنْ يَحْصُل إلى مَقْصِدِه ومَأْمَنِه خَوْفًا من أنْ يَحْدُثَ عليه في بلادِ الصِّين حَدَثٌ فيكون عَيْبًا على المَلِك.


(١) خُمْدَان. هي دار المَلِك في بلاد الصِّين مَقْسُومَةٌ إلى قسمين يفصل بينهما شارعٌ طويلٌ عريضٌ، المَلِك والوزير وقاضي القُضَاة والجُنُود بالشِّقّ الأيمن ممَّا يلي المشرِق ولا يُخالطهم أحَدٌ من العامَّة ولا فيه شيءٌ من الأسْوَاق. وفي الشِّق الأيْسَر ممَّا يلي المغرب الرَّعِيَّة والتُّجَّار والميرَة والأسْوَاق (المسعودي: مروج الذهب ١٦٤:١، ١٦٧، ١٧٢).
(٢) خَانْفُو. مدينةٌ كبيرةٌ تقع على نَهْرٍ يَصُبّ إلى بَحْر الصِّين، بينها وبين البحر مسيرة ستة أيَّام أو سبعة (نفسه ١: ١٦٣ - ١٦٤).
(٣) المسعودي: مروج الذهب ١: ١٦٠ - ١٦١ (يَنْصُو).