للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حِكَايَةٌ أخْرى في "كِتَابِ العَيْن"

ذَكَرَ أبو محمَّد بن دُرُسْتَوَيْه (١) أَنَّهُ سَمِعَ "كِتَابَ العَيْنِ" بهذا الإسْنَاد: قال أبو الحَسَن عليُّ بن مَهْدِيّ الكِسْرَوِيّ (٢)، حَدَّثَني محمَّد بن مَنْصُور المعروف بالزَّاج المُحَدِّث قال، قال اللَّيْثُ بن المُظَفَّر بن نَصْرِ بن سَيَّار: كُنْتُ أَصِيرُ إلى الخَليلِ بن أحمد، ، فقال لي يَوْمًا "لو أنَّ إِنْسَانًا قَصَدَ وأَلَّفَ حُرُوفَ أَلِف وبَاء وتَاء وثَاء على ما أمثِّله، لاسْتَوْعَبَ في ذلك جَميعَ كَلامِ العَرَب، وتَهَيَّأ له أَصْلٌ لا يَخْرُجُ عنه شيءٌ منه بَتَّةَ. قال: فقُلْتُ له: وكيف يكون ذلك؟ قال: يُؤَلِّفه على الثُّنائِيّ والثُّلاثي والرُّباعي والخُماسي، وأنه ليس يُعْرَفُ للعَرَب كَلامٌ أكثر منه. قال اللَّيْثُ: فَجَعَلْتُ أسْتَفْهِمُه ويَصِفُ لي ولا أقِفُ على ما يَصِف، فاخْتَلَفْتُ إليه في هذا المَعْنَى أَيَّامًا، ثم اعْتَلَّ وحَجَجْتُ، فما زِلْتُ مُشْفِقًا عليه وخَشِيتُ أنْ يموتَ في عِلَّتِه فيَبْطُلُ ما كان يَشْرَحُهُ لي. فَرَجَعَتُ من الحَجِّ وصِرْتُ إليه، فإذا هو قد ألَّفَ الحروفَ كُلَّها على ما في صَدْر هذا الكِتَاب. فكان يُملي عَلى ما يَحْفَظ (a) وما شَكَّ فيه، يقولُ لي: سَلْ عنه فإذا صَحَّ فأثْبته، إلى أنْ عَمِلْت الكِتابَ. قال عليُّ بن


(a) هنا على هامش نُسْخَة الأصل: عُورِضَ بالدُّسْتور المُصنَّف المنقول منه وصَحَّ، نهاية الكُرَّاسَة الثالثة.