للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: "لا بد من ذلك" ثم وَثَبَ فقال: ما تَقُولُ في قَوْلِ الرَّاعي (١): [الكامل]

وأفَضْنَ بَعْدَ كُظُومِهِنَّ بجرَّةٍ … مِنْ ذِي الأَبارِقِ إِذْ رَعَيْنَ حَقِيلا

قال: فتَلَجْلَج الشَّيْخُ وتنحْنَحَ ولم يُجب بشيءٍ. فقال: فما تقول في بيته: [الكامل]

كَدُخَانِ مُرْتَجِلٍ بأعْلى تَلْعَةٍ … غَرْثَانِ ضَرَّمَ عَرْفَجَا مَبْلُولا

قال: فعاد إلى تلك الصُّورَة ورَأَيْنَا في وَجْهِه الكراهية والإنكار (٢). فقال الأَثْرَمُ: "مُثْقَلٌ اسْتَعَانَ بَذَقَنه"، فقال يَعْقُوبُ: هذا تَصْحِيفٌ، إِنما هو بِدَفَّيْه. فقال الأَثْرَمُ: تُرِيدُ الرِّئَاسَةَ بِسُرْعَة، ودَخَلَ بَيْتَه.

مَعْنَى المَثَلِ

قال يَعْقُوبُ: إِنَّ البَعِيرَ إذا حُمِلَ عليه فأَثْقَلَهُ الحَمْلُ، مَدَّ عُنُقَهُ واعْتَمَدَ على دفيه، فلا يكون له في ذلك راحة. يُقالُ للرَّجل إذا تكلَّفَ أَمْرًا، أو نَزَلَ عليه أَمْرٌ، فضَعُفَ عنه فاسْتَعَانَ بأَضْعَفَ منه عليه، هذا المثل (٣).


(١) أبو جَنْدَل عُبَيْدُ بن حصين بن مُعاوية النميري، لقب بالرَّاعِي لكثرة وضفه الإبل والرعاء في شعره. (ابن سلام: طبقات فحول الشعراء ٥٠٢؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء ٥٩٧:٤ - ٥٩٨). والبيتان من قصيدة طويلة ٨٩ بيتا ذكرها ابن أبي الخطاب في جَمْهرة أَشْعَارِ العَرَب.
(٢) القفطي: إنباه الرواة ٣٢٠:٢ - ٣٢١ (عن النديم).
(٣) راجع أبا عبيد: كتاب الأمثال ١٢٣؛ الزجاجي: مجالس العلماء ٤٠٣٩ (نشرة الخانجي ١٩٨٣)؛ الخطيب البغدادي: تاريخ مدينة السلام ٣٩٩:١٦؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان ٦: ٣٩٦؛ الميداني: مجمع الأمثال، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة - مكتبة عيسى البابي الحلبي ١٩٧٨، ٢٤٧:٣، الصفدي: تصحيح التصحيف وتحرير التحريف، تحقيق السيد الشرقاوي، القاهرة - مكتبة الخانجي ٢٧١،١٩٨٧.