للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُلُوكِ الإسْكَنْدَرية، لمَّا مَلَكَ فَحَصَ عن كُتُبِ العِلْمِ، ووَلَّى أَمْرَهَا رَجُلًا يُعْرَفُ بزمِّيرة، فجَمَعَ من ذلك - على ما حُكِيَ - أَرْبَعَةً وخَمْسين ألْف كِتَابٍ ومائة وعِشْرِين كِتَابًا، وقال له: "أيُّها المَلِك قد بَقِيَ في الدُّنْيَا شيءٌ كثيرٌ في السَّنْدِ والهِنْدِ وفَارِس وجُرْجَان والأرْمَان وبَابِل والمَوْصِل وعند الرُّوم" (١).

حِكَايَةٌ أُخْرَى

قال أبو مَعْشَر في كِتَابِ "اخْتِلاف الزِّيجَات" (٢): إِنَّ مُلُوكَ الفُرْسِ بَلَغَ من عِنَايَتِهم بصِيَانَة العُلُوم وحِرْصِهِم على بَقَائِها على وَجْهِ الدَّهْرِ، وإشْفاقِهِم عليها من أحْدَاثِ الجَوّ وآفاتِ الأرْضِ، <أنِ> (a) اخْتَارُوا لها من المَكاتِب أصْبَرَها على الأحْدَاث، وأبقاها على الدَّهْرِ، وأَبْعَدَها من التَّعفُّن والدُّرُوس، لِحَاءِ شَجَرِ الخَدَنك، ولِحَاؤُه يُسَمَّى التُّوز. وبهم اقْتَدَوا أَهْلُ الهِنْد والصِّين ومَنْ يلِيهِم من الأُمَم في ذلك. واخْتَارُوها أَيْضًا لقِسِيِّهم التي يَرْمُون عنها لصَلَابَتها ومَلاسَتِها وبَقَائِها على القِسِيّ غَابِرَ الأَيَّام (٣).

فلمَّا حَصَّلُوا لمُسْتَوْدَعِ عُلُومِهِم أَجْوَدَ ما وَجَدُوه في العَالَم من المكاتِب، طَلَبُوا لها من بِقَاعِ الأرْضِ وبُلْدَانِ الأقاليم، أصَحَّها تُرْبَةً وأَقَلَّها عُفُونَةً وأَبْعَدَها من الزَّلازِل والخُسُوفِ وأَعْلَكَها طَنْبًا (b) وأبْقَاهَا على الدَّهْرِ بِنَاءً. فانْتَقَبُوا (c) بِلادَ المملكة


(a) إضافة من حمزة الأصبهاني.
(b) الأصل: طينًا.
(c) الأصل: فانتعضوا.