للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[سورة هود]

٢٠ - قال : ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٢٤)[هود: ٢٤] (١).

فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْكُفَّارَ، وَوَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ.

ثُمَّ ذَكَرَ المُؤْمِنِينَ، وَوَصَفَهُمْ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالْإِخْبَاتِ إلَى رَبِّهِمْ، فَوَصَفَهُمْ بِعُبُودِيَّةِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، جَعَلَ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ مِنْ حَيْثُ كَانَ قَلْبُهُ أَعْمَى عَنْ رُؤْيَةِ الْحَقِّ أَصَمَّ عَنْ سَمَاعِهِ؛ فشبه بِمَنْ بَصَرُهُ أَعْمَى عَنْ رُؤْيَةِ الْأَشْيَاءِ، وَسَمْعُهُ أَصَمُّ عَنْ سَمَاعِ الْأَصْوَاتِ، وَالْفَرِيقُ الْآخَرُ بَصِيرُ الْقَلْبِ سَمِيعُهُ، كَبَصِيرِ الْعَيْنِ وَسَمِيعِ الْأُذُنِ؛ فَتَضَمَّنَت الْآيَةُ قِيَاسَيْنِ وَتَمْثِيلَيْنِ لِلْفَرِيقَيْنِ، ثُمَّ نَفَى التَّسْوِيَةَ عَنْ الْفَرِيقَيْنِ بِقَوْلِهِ: ﴿هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا﴾ (٢).


(١) أخرج الطبري في «تفسيره» (٦/ ٤٣١٩) ط دار السلام:
عن قتادة بإسناد حسن: ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ﴾ الآية، هذا مثلٌ ضربه الله للكافر والمؤمن، فأما الكافر فصم عن الحق، فلا يسمعه، وعمي عنه فلا يبصره. وأما المؤمن فسمع الحق فانتفع به، وأبصره فوعاه وحفظه وعمل به.
(٢) «إعلام الموقعين» (٢/ ٢٧٥) ط ابن الجوزي. وانظر: مسألة تقديم السمع على البصر في «بدائع الفوائد» (١/ ١٢٣ - ١٣٠) ط عالم الفوائد.

<<  <   >  >>