للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الإسراء]

٣٣ - قال : ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: ٤٨].

مثلوك بالشاعر مرة، والساحر أخرى، والمجنون مرة، والمسحور أخرى، فضلوا في جميع ذلك ضلال من يطلب في تِيهه وتحيُّره طريقاً يسلكه فلا يقدر عليه، فإن أي طريق أخذها فهي طريق ضلال وحيرة، فهو متحير في أمره لا يهتدي سبيلًا، ولا يقدر على سلوكها، فهكذا حال أعداء رسول الله معه، حتى ضربوا له


= حتى فتحها الله عليهم وذلك بسبب صنيعهم وبغيهم وتكذيبهم الرسول الذي بعثه الله فيهم منهم، وامتن به عليهم في قوله: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٦٤]، وقال تعالى: ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (١٠) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [الطلاق: ١٠، ١١] الآية وقوله: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ إلى قوله: ﴿وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: ١٥١، ١٥٢].
وكما أنه انعكس على الكافرين حالهم، فخافوا بعد الأمن، وجاعوا بعد الرغد، بَدَّل الله المؤمنين من بعد خوفهم أمنًا، ورزقهم بعد العَيْلَة، وجعلهم أمراء الناس وحكامهم، وسادتهم وقادتهم وأئمتهم.
وهذا الذي قلناه من أن هذا المثل مضروب لمكة، قاله العوفي، عن ابن عباس. وإليه ذهب مجاهد، وقتادة، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وحكاه مالك عن الزهري، .

<<  <   >  >>