للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[سورة محمد]

٥٤ - قال : ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (١٠)[محمد: ١٠] (١).

فأخبر أن حكم الشيء حكم مثله.

وكذلك كل موضع أمر الله سبحانه فيه بالسير في الأرض، سواء كان السير الحسي على الأقدام والدواب، أو السير المعنوي بالتفكير والاعتبار، أو كان اللفظ يعمُّهما وهو الصواب؛ فإنه يدل على الاعتبار والحذر أن يحل بالمخاطبين ما حل بأولئك، ولهذا أمر سبحانه أولي الأبصار بالاعتبار بما حل بالمكذبين، ولولا أن حكم النظير حكم نظيره حتى تعبر العقول منه إليه لما حصل الاعتبار (٢).


(١) قال ابن عاشور: المراد بالكافرين: كفار مكة. والمعنى: ولكفاركم أمثال عاقبة الذين من قبلهم من الدّمار، وهذا تصريح بما وقع به التعريض للتأكيد بالتعميم ثم الخصوص.
وأمثال: جمع مِثْل بكسر الميم وسكون الثاء، وجمع الأمثال لأن الله استأصل الكافرين مرات حتى استقر الإسلام فاستأصل صناديدهم يوم بدر بالسيف، ويوم حنين بالسيف أيضًا، وسلط عليهم الريح يوم الخندق فهزمهم، وسلط عليهم الرعب والمذلة يوم فتح مكة، وكل ذلك مماثل لما سلطه على الأمم في الغاية منه وهو نصر الرسول ودينه، وقد جعل الله ما نصر به رسوله أعلى قيمة بكونه بيده وأيدي المؤمنين مباشرة بسيوفهم وذلك أنكى للعدو.
وضمير ﴿أَمْثَالُهَا﴾ عائد إلى ﴿عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ باعتبار أنها حالة سوء.
(٢) «إعلام الموقعين» (٢/ ٢٥٠).

<<  <   >  >>