للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(القول الرابع): وحكاه الباقلاني عن بعض العلماء أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء منها ما (تتغير) (١) حركته ولا تتغير صورته ولا معناه، مثل ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي﴾ [الشعراء: ١٣] ويضيق. ومنها ما لا تتغير صورته ويختلف معناه. مثل ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ - (وباعد (٢)) - بَيْنَ أَسْفَارِنَا﴾ [سبأ: ١٩] وقد يكون الاختلاف في الصورة والمعنى بالحرف، مثل ﴿نُنْشِزُهَا﴾ [البقرة: ٢٥٩] و (ننشزها) أو بالكلمة مع بقاء المعنى مثل ﴿كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾ [القارعة: ٥]- أو - (كالصوف المنفوش) أو باختلاف الكلمة واختلاف (المعنى) (٣)، مثل ﴿وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩)[الواقعة] (وطلع منضود) أو بالتقدم والتأخر: مثل ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾ [ق: ١٩] أو (سكرة الحق بالموت) أو بالزيادة، مثل ﴿تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً - أنثى﴾ [ص: ٢٣] ﴿وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ - كافرًا وكان - أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ﴾ [الكهف: ٨٠] ﴿فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ - لهن - غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: ٣٣].

(القول الخامس): أن المراد بالأحرف السبعة معاني القرآن، وهي أمر، ونهي، ووعد ووعيد، وقصص، ومجادلة، وأمثال.

قال ابن عطية: وهذا ضعيف؛ لأن هذه لا تسمى حروفًا، وأيضًا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحليل (حرام) (٤)، ولا في تغيير شيء من المعاني، وقد أورد القاضي الباقلاني في هذا حديثًا، ثم قال: وليست هذه هي التي أجاز لهم القراءة بها.

فَصلٌ

قال القرطبي: قال كثير من علمائنا (الداودي) (٥) وابن أبي صفرة وغيرهما: هذه القراءات السبع ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها، وإنما هي راجعة إلى حرف من السبعة، وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف، ذكره ابن النحاس وغيره.

قال القرطبي: وقد سوغ كل واحد من القراء السبعة قراءة الآخر وأجازها وإنما اختار القراءة المنسوبة إليه؛ لأنه رآها أحسن (والأولى) (٦) عنده، قال: وقد أجمع المسلمون في هذه الأمصار على الاعتماد على ما صح عن هؤلاء الأئمة فيما رووه ورأوه من القراءات، وكتبوا في ذلك مصنفات، واستمر الإجماع على الصواب، وحصل ما وعد الله من حفظه الكتاب (٧).

قال البخاري (٨) :

[تأليف القرآن]

حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم قال:


(١) في (أ): "لا تتغير" وهو خطأ.
(٢) ساقط من (ج).
(٣) في (أ): "المعاني".
(٤) في (أ) و (ط): "حلال"؛ ولا معنى لها، ثم وقفت على عبارة ابن عطية في "تفسيره" (١/ ٣٥) ففال: "وأيضًا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحريم حلال، ولا تحليل حرام".
(٥) في (ط): "المداوردي"!
(٦) في (أ): "وأولى". وفي "تفسير القرطبي" (١/ ٤٦)، "ما هو الأحسن عنده والأولى".
(٧) كتب على حاشية (ج): "آخر الجزء الأول من أجزاء المؤلف".
(٨) في "فضائل القرآن" (٩/ ٣٨، ٣٩ فتح) وحذف المصنف، كعادته، من كلام البخاري كلمة "باب". وأخرجه النسائي في "فضائل القرآن" (١٢) من طريق حجاج، عن الأعور، عن ابن جريج بسنده سواء.