للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحافظ أبو بكر البزار (١): حدّثنا محمد بن معمر، حدّثنا روح، حدّثنا عبيد الله بن الأخنس، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "ليس منا من لم يتغن بالقرآن".

ثم قال: " (وإنما) (٢) ذكرناه؛ لأنهم اختلفوا على ابن أبي مليكة فيه فرواه عبد الجبار بن الورد عنه، عن ابن أبي مليكة، عن أبي لبابة ورواه عمرو بن دينار، والليث عنه، عن ابن أبي نهيك، عن سعد، ورواه عسل بن سفيان عنه عن عائشة، ورواه نافع مولى ابن عمر عنه عن ابن الزبير".

[اغتباط صاحب القرآن]

حدثنا (٣) أبو اليمان، أنا شعيب، عن الزهري، حدثني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله يقول: "لا حسد إلا على اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب (فقام به) (٤) آناء (الليل) (٥) ورجل أعطاه الله مالًا فهو يتصدق به آناء الليل والنهار".

انفرد به البخاري من هذا الوجه، واتفقا على إخراجه من رواية سفيان، عن الزهري.

ثم قال البخاري (٦): حدّثنا علي بن إبراهيم، حدّثنا روح، حدّثنا شعبة، عن سليمان قال: سمعت ذكوان، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل (وآناء) (٧) النهار، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل؛ ورجل آتاه الله مالًا فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل".

ومضمون هذين الحديثين أن صاحب القرآن في غبطة، وهي حسن الحال، فينبغي أن يكون شديد الاغتباط بما هو فيه، ويستحب تغبيطه بذلك، يقال: غبطه يغبطه (بكسر الباء) (٨) غبطًا: إذا تمنى مثل ما هو فيه من النعمة، وهذا بخلاف الحسد المذموم، وهو تمني زوال نعمة المحسود عنه سواء حصلت لذلك الحاسد أو لا، وهذا مذموم شرعًا مهلك، وهو أول معاصي إبليس حين حسد آدم ما منحه الله تعالى من الكرامة والاحترام والإعظام.


(١) في "مسنده" (ج ٣/ رقم ٢٣٣٢، كشف الأستار).
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (ج ١١/ رقم ١١٢٣٩) من طرق عن ابن الأخنس، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس مرفوعًا. قال الهيثمي (٧/ ١٧٠): "رجال البزار رجال الصحيح".
قلت: وقد مر الكلام عنه، وهذا أحد وجوه الاختلاف على ابن أبي مليكة في إسناده، وقد فصلته في "التسلية". ولله الحمد.
(٢) في (أ): "ولنا ما".
(٣) البخاري في "فضائل القرآن" (٩/ ٧٣).
وأخرجه أيضًا في "كتاب التوحيد" (١٣/ ٥٠٢)؛ ومسلم (٨١٥)؛ والنسائي في "فضائل القرآن" (٩٧)؛ والترمذي (١٩٣٦)؛ وابن ماجه (٤٢٠٩)؛ وأحمد (٢/ ٩)؛ والحميدي (٢/ ٢٧٨)، وآخرون من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه مرفوعًا. وله طرق أخرى عن الزهري.
(٤) في (أ): "فهو يقوم به" وهو مخالف لرواية "الصحيح" ولباقي (الأصول).
(٥) في (أ): "الليل والنهار" وليس "للنهار" ذكر.
(٦) في "فضائل القرآن" (٩/ ٧٣).
(٧) ساقط من (أ).
(٨) في (أ): "بالكسر".