للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تابعه علي (١) بن مسهر (٢) وعبدة، عن هشام وقد أسندهما البخاري في موضع آخر ومسلم معه في عبدة.

حدثنا أحمد (١) بن أبي رجاء، حدّثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: سمع رسول الله رجلًا يقرأ في سورة بالليل، فقال: "يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا (آيةً) (٣) كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا".

ورواه مسلم من حديث أبي أسامة حماد بن أسامة.

الحديث الثاني (٤): حدثنا أبو نعيم، حدّثنا سفيان، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: قال رسول الله : "بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت كيت وكيت بل هو نسي".

ورواه مسلم والنسائي من حديث منصور به، وقد تقدم.

وفي "مسند أبي يعلى": "فإنما هو نسي" بالتخفيف. هذا لفظه.

وفي هذا الحديث والذي قبله دليل على أن حصول النسيان للشخص ليس بنقص له (إذا كان) (٥) بعد الاجتهاد والحرص.

وفي حديث ابن مسعود أدب في التعبير عن حصول ذلك، فلا يقول: نسيت كذا، فإن النسيان ليس من فعل العبد، وقد تصدر عنه أسبابه من التناسي والتغافل والتهاون المفضي إلى ذلك، فأما النسيان نفسه فليس بفعله، ولهذا قال: بل هو نسي، مبني لما لم يسم فاعله، وأدب أيضًا في ترك إضافة ذلك إلى الله تعالى، وقد أسند النسيان إلى العبد في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [الكهف: ٢٤] وهو - والله أعلم - من باب المجاز الشائع بذكر المسبب وإرادة السبب؛ لأن النسيان إنما يكون عن سبب قد يكون ذنبًا، كما تقدم عن الضحاك بن مزاحم، فأمر الله تعالى بذكره ليذهب الشيطان عن القلب كما يذهب عند النداء بالأذان، والحسنة تذهب السيئة، فإذا زال السبب للنسيان انزاح فحصل الذكر للشيء بسبب ذكر الله تعالى، والله أعلم.

من لم ير بأسًا أن يقول: سورة البقرة وسورة كذا وكذا.

حدثنا (٦) عمر بن حفص بن غياث، حدّثنا أبي، حدّثنا الأعمش، حدثني إبراهيم، عن علقمة وعبد الرحمن بن يزيد، عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله : "الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلة كفتاه".

وهذا الحديث قد أخرجه الجماعة من حديث عبد الرحمن بن يزيد.


(١) في "فضائل القرآن" (٩/ ٨٧).
(٢) في "كتاب الدعوات" (١١/ ١٣٦)؛ وأخرجه مسلم (٧٨٨/ ٢٢٤، ٢٢٥).
(٣) كذا في "الأصول" وليست هذه اللفظة في "البخاري" من حديث أبي أسامة عن هشام، ووقعت في رواية علي بن مسهر.
(٤) مرّ تخريجه في باب: "استذكار القرآن وتعاهده".
(٥) ساقط من (ج).
(٦) البخاري في "فضائل القرآن" (٩/ ٨٧)؛ وأخرجه أيضًا في "الفضائل" (٩/ ٥٥) باب: فضل سورة البقرة من طريق شعبة، عن الأعمش به؛ وأخرجه أيضًا ومسلم (٧٠٨/ ٢٥٥).