للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن الإمام الشافعي أنه كان يختم في اليوم والليلة من شهر رمضان ختمتين وفي غيره ختمة.

وعن أبي عبد الله البخاري صاحب "الصحيح" أنه كان يختم في الليلة ويومها من رمضان ختمةً.

ومن غريب هذا وبديعه ما ذكره الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي قال: سمعت الشيخ أبا عثمان المغربي يقول: كان ابن الكاتب يختم بالنهار أربع ختمات، وبالليل أربع ختمات.

وهذا نادر جدًا، فهذا وأمثاله من الصحيح عن السلف محمول إما على أنه ما بلغهم في ذلك حديث مما تقدم، أو أنهم كانوا يفهمون ويتفكرون فيما يقرؤونه (مع) (١) هذه السرعة، والله أعلم.

قال الشيخ أبو زكريا النواوي في كتابه "التبيان" (٢) بعد ذكر طرف مما تقدم: والاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص فمن كان له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر يحصل له كمال فهم ما يقرؤه وكذا من كان مشغولًا بنشر العلم وغيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له، وإن لم يكن من هؤلاء فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد الملل والهذرمة.

ثم قال البخاري (٣) :

[البكاء عند قراءة القرآن]

وأورد فيه من رواية الأعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال: قال رسول الله : "اقرأ علي" قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: "إني أشتهي أن أسمعه من غيري" قال: فقرأت النساء حتى إذا بلغت ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (٤١)﴾ قال لي: "كف أو أمسك" (فرأيت) (٤) عينيه تذرفان.

وهذا من المتفق عليه كما تقدم، وكما سيأتي إن شاء الله.

من (٥) راءى بقراءة القرآن أو تأكل به أو فخر به

حدثنا (٦) محمد بن كثير، أنا سفيان، حدّثنا الأعمش، عن خيثمة، عن سويد بن غفلة، عن علي قال: سمعت النبي يقول: "يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان


= (ج ٥/ رقم ١٩٩٩)؛ وأبو نعيم في "الحلية" (٣/ ٥٧، ٥٨) من طريق هشام بن حسان ويزيد بن هارون عن منصور.
(١) في (ج): "في".
(٢) (ص ٧٦).
(٣) في "فضائل القرآن" (٩/ ٨٩) وتقدم تخريجه.
(٤) في (أ): "فإذا".
(٥) الذي في "البخاري": "باب إثم من راءى. . . إلخ".
(٦) البخاري في "الفضائل" (٩/ ٩٩)؛ وأخرجه البخاري أيضًا في "المناقب" (٦/ ٦١٨)، وفي "استتابة المرتدين" (٢/ ٢٨٣)؛ ومسلم (١٠٦٦).