للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الاستعاذة أحاديث كثيرة يطول ذكرها هاهنا، وموطنها كتاب الأذكار وفضائل الأعمال. والله أعلم.

وقد روى أن جبريل أول ما نزل بالقرآن على رسول الله أمره بالاستعاذة، كما قال الإمام أبو جعفر (١) بن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا بشر بن عمارة، حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عباس؛ قال: أول ما نزل جبريل على محمد قال: "يا محمد استعذ".

قال: "أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم"؛ ثم قال: "قل: بسم الله الرحمن الرحيم". ثم قال: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)[العلق].

قال عبد الله: وهي أول سورة أنزلها (الله) (٢) على محمد بلسان جبريل.

وهذا الأثر غريب، وإنما ذكرناه ليعرف؛ فإن في إسناده ضعفًا وانقطاعًا. والله أعلم.

[[مسألة]

وجمهور العلماء على أن الاستعاذة مستحبة ليست بمتحتمة يأثم تاركها. وحكى (فخر الدين) (٣) (الرازي) (٤)، عن عطاء بن أبي رباح وجوبها في الصلاة وخارجها كلما أراد القراءة! قال: وقال ابن سيرين. إذا تعوذ مرةً واحدةً في عمره فقد كفى في إسقاط الوجوب.

واحتج (فخر الدين) (٣) (الرازي) (٤) لعطاء بظاهر الآية: (فاستعذ)؛ وهو أمر ظاهره الوجوب؛ وبمواظبة النبي عليها؛ لأنها تدرأ شر الشيطان؛ وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب؛ ولأن الاستعاذة أحوط، وهو أحد مسالك الوجوب.

وقال بعضهم: كانت واجبةً على النبي دون أمته. وحكي عن مالك أنه لا يتعوذ في المكتوبة، ويتعوذ لقيام رمضان في أول ليلة منه.

[مسألة]

وقال الشافعي في "الإملاء": يجهر بالتعوذ، وإن أسر فلا يضر.

وقال في "الأم" بالتخيير؛ لأنه أسر ابن عمر، وجهر أبو هريرة.

واختلف قول الشافعي فيما عدا الركعة الأولى؛ هل يستحب التعوذ فيها؟ على قولين؛ ورجح عدم الاستحباب. والله أعلم] (٥).

[فإذا قال المستعيذ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، كفى ذلك عند الشافعي، وأبي حنيفة] (٦).


(١) في "تفسيره" (١٣٧، ١٣٨، ١٣٩) وسنده ضعيف جدًّا، وبشر بن عمارة تركه الدارقطني وضعفه النسائي والبخاري وابن حبان. والضحاك بن مزاحم لم يسمع من ابن عباس كما قال الأئمة المحققون، ونازع في ذلك الشيخ أبو الأشبال وقد ناقشته في ذلك في "التسلية".
(٢) زيادة من (ز) و (ل) و (ن).
(٣) ساقط من (ن).
(٤) ساقط من (ج) و (ك) و (ل).
(٥) ساقط من (ز) و (ع) و (هـ) و (ى).
(٦) ساقط من (ز) و (ع) و (هـ) و (ي).