للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا (١) قال أبو العالية، والحسن البصري، وقتادة، والربيع بن أنس، والسدي بسنده عن الصحابة؛ وهو أصح وأظهر. واللّه أعلم.

وهكذا يكونون يوم القيامة عند ما يعطى الناس النور بحسب إيمانهم؛ فمنهم من يعطى من النور ما يضيء له مسيرة فراسخ، وأكثر من ذلك وأقل من ذلك؛ ومنهم من يطفأ نوره تارة ويضيء (له) (٢) أخرى، (ومنهم من يمشي) (٣) على الصراط تارة ويقف أخرى؛ ومنهم من يطفأ نوره بالكلية، وهم الخُلَّص من المنافقين الذين قال (تعالى) (٤) فيهم: ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾ [الحديد: ١٣].

وقال في حق المؤمنين: ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ الآية [الحديد: ١٢] وقال (تعالى) (٤): ﴿يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [التحريم: ٨].

[ذكر الحديث الوارد في ذلك]

قال سعيد بن أبي عروبة، (عن قتادة) (٥) في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ … ﴾ الآية [الحديد: ١٢]. ذكر لنا أن نبي اللّه كان يقول: من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة إلى عدن (أبين) (٦) فصنعاء ودون ذلك، حتى إن من المؤمنين من لا يضيء نوره إلا موضع قدميه. رواه ابن جرير (٧) ورواه ابن أبي حاتم من حديث عمران بن داور القطان، عن قتادة بنحوه.

وهذا كما قال المنهال بن عمرو، عن قيس بن السكن، عن عبد اللّه بن مسعود؛ قال: يؤتون نورهم على قدر أعمالهم؛ فمنهم من يؤتى نوره كالنخل؛ ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم؛ وأدناهم نورًا على إبهامه يطفأ مرةً ويتقد مرةً.

وهكذا رواه ابن جرير (٨)، عن ابن مثنى، عن ابن إدريس، عن أبيه، عن المنهال.


(١) أخرج هذه الآثار عنهم ابن جرير (٤٥٢، ٤٥٥، ٤٥٦، ٤٥٧، ٤٥٨، ٤٥٩، ٤٦٠) [وهذه الآثار أسانيدها ثابتة سوى سند السدي فضعيف ويتقوى بتلك الآثار].
(٢) ساقط من (ن).
(٣) كذا في (ع) و (هـ) و (ي)؛ وفي (ك): "يمشي"؛ وفي (ج) و (ز) و (ل): "فيمشي".
(٤) من (ز) و (ن).
(٥) ساقط من جميع الأصول ولا بدّ منه.
(٦) ذكر في (ي) أن "أبين" اسم رجل نسبت إليه "عدن".
(٧) في "تفسيره" (٢٧/ ١٢٨) وسنده ضعيف لإعضاله وله شواهد يأتي النظر فيها في تفسير سورة الحديد إن شاء الله تعالى.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢/ ٢٧٥) عن معمر، عن قتادة. قال: بلغنا أن المؤمنين … إلخ ولم يذكر رفعًا، مع أن السيوطي لما عزاه في "الدر المنثور" (٦/ ١٧٢) إلى عبد الرزاق ذكر "الرفع" فلعله تسامح في عزوه هكذا. واللّه أعلم.
(٨) في "تفسيره" (٢٧/ ١٢٨).
وأخرجه ابن أبي شيبة (١٣/ ٢٩٩) ومن طريقه الحاكم في "المستدرك" (٢/ ٤٧٨) قال: حدثنا عبد اللّه بن إدريس بسنده سواء. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٦/ ١٧٢)؛ لابن المنذر، وابن أبي حاتم وابن مردويه. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين" ووقع في "تلخيص المستدرك" أنه على =