للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سُوْرَةُ القِيَامَةِ

وهي مكية

﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (٣) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (٤) بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (٥) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (٦) فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩) يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلَّا لَا وَزَرَ (١١) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢) يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (١٣) بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (١٥)﴾.

قد تقدم غير مرة أن المقُسَم عليه إذا كان منتفيًا جاز الإتيان بلا قبل القسم لتأكيد النفي. والمُقسَم عليه ههنا هو إثبات المعاد والردُّ على ما يزعمه الجهلة من العباد ومن عدم بعث الأجساد، ولهذا قال تعالى: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢)﴾ قال الحسن: أقسم بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة (١).

وقال قتادة: بل أقسم بهما جميعًا، هكذا حكاه ابن أبي حاتم (٢).

وقد حكى ابن جرير، عن الحسن والأعرج أنهما قرءا: "لأقُسم بيوم القيامة" (٣) وهذا يوجُّه قول الحسن؛ لأنَّهُ أثبت القسم بيوم القيامة ونفى القسم بالنفس اللوامة، والصحيح أنه أقسم بهما جميعًا كما قاله قتادة ، وهو المروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير (٤)، واختاره ابن جرير.

فأما يوم القيامة فمعروف وأما النفس اللّوامة فقال قرة بن خالد، عن الحسن البصري في هذه الآية: إن المؤمن واللّه ما نراه إلا يلوم نفسه. ما أردت بكلمتي، ما أردت بأكلتي، ما أردت بحديث نفسي، وإن الفاجر يمضي قُدُمًا ما يعاتب نفسه (٥)، وقال جويبر: بلغنا عن الحسن أنه قال في قوله: ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢)﴾ قال: ليس أحد من أهل السموات والأرضين إلا يلوم نفسه يوم القيامة (٦).

وقال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بن صالح بن مسلم، عن إسرائيل، عن سماك


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق قتادة عن الحسن.
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٣) أخرجه الطبري تعليقًا، والقراءة متواترة.
(٤) أخرجه الحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس، وصححه ووافقه الذهبي. (المستدرك ٢/ ٥٠٨).
(٥) عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس.
(٦) سنده ضعيف لضعف جويبر وروايته بلاغًا.