للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جمع القرآن]

قال المؤلف، : فائدة جليلة حسنة، ثبت في الصحيحين عن أنس قال: جمع القرآن على عهد النبي أوبعة، كلهم من الأنصار؛ أبيُّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأَبو زيد. فقيل له: من: أَبو زيد؟ قال: أحد عمومتي. وفي لفظ للبخاري عن أنس قال: مات النبي ولم يجمع القرآن غير أربعة؛ أَبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأَبو زيد، ونحن ورثناه.

قلت: أَبو زيد هذا ليس بمشهور؛ لأنه مات قديمًا، وقد ذكروه في أهل بدر، وسمَّاه بعضهم: سعيد بن عبيد. ومعنى قول أنس: "ولم يجمع القرآن". يعني من الأنصار سوى هؤلاء، وإلَّا فمن المهاجرين جماعة كانوا يجمعون القرآن كالصديق، وابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة وغيرهم.

قال الشيخ أَبو الحسن الأشعري، : قد علم بالاضطرار أن رسول الله قدم أبا بكر في مرض الموت ليصلي بالناس، وقد ثبت في الخبر المتواتر أن رسول الله قال: "ليؤم القوم أقرؤهم" (٤٣)، فلو لم يكن الصديق أقرأ القوم لما قدمه عليهم. نقله أَبو بكر بن زنجويه في كتاب "فضائل الصديق" عن الأشعري.

وحكى القرطبي في أوائل تفسيره عن القاضي أبي بكر الباقلاني أنَّه قال - بعد ذكره حديث أنس بن مالك هذا -: فقد ثبت بالطرق المتواترة أنَّه جمع القرآن عثمان، وعلي، وتميم الداري، وعبادة بن الصامت، وعبد الله بن عمرو بن العاص، فقول أنس: "لم يجمعه غير أربعة" يحتمل أنَّه لم يأخذه تلقيًا من في رسول الله غير هؤلاء الأربعة، وأن بعضهم تلقى بعضه عن بعض. قال: وقد تظاهرت الروايات بأن الأئمة الأربعة جمعوا القرآن على عهد النبي لأجل سبقهم إلى الإسلام، وإعظام الرسول لهم (٤٤).

قال القرطبي: لم يذكر القاضي ابن مسعود وسالمًا مولى أبي حذيفة، وهما ممن جمع القرآن (٤٥).


(٤٣) - رواه مسلم في صحيحه في المساجد، باب: من أحق بالإمامة برقم (٦٧٣)، وأَبو داود في كتاب الصلاة، باب: من أحق بالإمامة (٥٨٢، ٥٨٣، ٥٨٤)، والتِّرمِذي في الصلاة، باب: ما جاء من أحق بالإمامة (٢٣٥)، والنسائي (٢/ ٧٦ - ٧٧)، وابن ماجة في إقامة الصلاة، باب: ما جاء من أحق بالإمامة (٩٨٠) من حديث أبي مسعود البدري - عقبة بن عمرو، .
(٤٤) - تفسير القرطبي (١/ ٥٧).
(٤٥) - تفسير القرطبي (١/ ٥٧).