للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

فأما نقط المصحف وشكله، فيقال: إن أول من أمر به عبد الملك بن مروان، فتصدى لذلك الحجاج وهو بواسط، فأمر الحسن البصري ويحيى بن يعمر ففعلا ذلك، ويقال: إن أول من نقط المصحف أَبو الأسود الدؤلي، وذكروا أنَّه كان لمحمد بن سيرين مصحف قد نقطه له يحيى بن يعمر (١٨٠)، والله أعلم.

وأما كتابة الأعشار على الحواشي فينسب إلى الحجاج أيضًا، وقيل: بل أول من فعله المأمون، وحكى أَبو عمرو الداني عن ابن مسعود أنَّه كره التعشير في المصحف، وكان يحكه (١٨١)، وكره مجاهد ذلك أيضًا.

وقال مالك: لا بأس به بالحبر، فأما بالألوان المصبغة فلا. وأكره تعداد آي السور في أولها في المصاحف الأمهات، فأما ما يتعلم فيه الغلمان فلا أرى به بأسًا.

وقال قَتَادة: بدءوا فنقطوا، ثم خمسوا، ثم عشروا. وقال يحيى بن أبي كثير: أول ما أحدثوا النقط على الباء والتاء والثاء، وقالوا: لا بأس به، هو نور له، أحدثوا نقطا عند آخر الآي، ثم أحدثوا الفواتح والخواتم.

ورأى إبراهيم النخعي فاتحة سورة كذا، فأمر بمحوها وقال: قال ابن مسعود: لا تخلطوا بكتاب الله ما ليس فيه. قال أَبو عمرو الداني: ثم قد أطبق المسلمون في ذلك في سائر الآفاق على جواز ذلك في الأمهات وغيرها.

ثم قال البخاري، :

[كان جبريل يعرض القرآن على النبي ]

قال مسروق: عن عائشة، عن فاطمة، ، أسر إليّ رسول الله : أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي. هكذا ذكره معلقًا وقد أسنده في موضع آخر (١٨٢).

ثم قال: حدَّثنا يحيى بن قزعة، حدَّثنا إبراهيم بن سعد، عن الزُّهْريّ، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عبَّاس قال: كان النبي أجود الناس بالخير، وأجود ما


(١٨٠) - روى ابن أبي داود في المصاحف (ص ١٤١) بإسناده عن هارون بن موسى: أول من نقط المصاحف يحيى بن يعمر.
(١٨١) - رواه أَبو عبيد بإسناده إلى عبد الله في فضائل القرآن (ص ٣٩٤).
(١٨٢) - البخاري في فضائل القرآن عقب حديث (٤٩٩٦).