للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الجمهور فقالوا: هذا كله منسوخ بصلاة الخوف، فإنها لم تكن نزلت بعد، فلما نزلت نسخ تأخير الصلاة لذلك، وهذا بين في حديث أبي سعيد الخدري الذي رواه الشافعي، ، وأهل السنن (٧٦٦)، ولكن يشكل [على هذا] [١] ما حكاه البخاري، ، في صحيحه (٧٦٧)، حيث قال:

(باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدوّ).

قال الأوزاعي: إن كان تهيأ الفتح ولم يقدروا على الصلاة صلوا إيماء؛ كل امرئ لنفسه، فإن لم يقدروا على الإِيماء أخروا الصلاة حتى ينكشف القتال، أو يأمنوا فيصلوا ركعتين، فإن لم يقدروا صلوا ركعة وسجدتين، فإن لم يقدروا، لا يجزئهم التكبير ويؤخرونها حتى يأمنوا، وبه قال مكحول، وقال أنس بن مالك: حضرت عند [٢] مناهضة حصن تُسْتَر عند إضاءة الفجر، واشتدّ اشتعال القتال، فلم يقدروا على الصلاة، فلم نصل إلا بعد ارتفاع النهار فصليناها ونحن مع أبي موسى، ففتح لنا، قال أنس: ما يسرني بتلك الصلاة الدنيا وما فيها.

انتهى ما ذكره، ثم أتبعه بحديث تأخير الصلاة يوم الأحزاب، ثم بحديث أمره إياهم أن لا يصلوا العصر إلا في بني قريظة، وكأنه كالمختار لذلك [٣]، والله أعلم.

ولمن جنح إلى ذلك [له أن يحتج بصنيع] [٤] أبي موسى وأصحابه يوم فتح تستر [فإنه يشتهر] [٥] غالبًا، ولكن كان ذلك في إمارة عمر بيت الخطاب، ولم ينقل أنه أنكر عليهم،


(٧٦٦) - رواه الشافعي (١/ح ٥٥٣/ شفاء العي)، والنسائي، كتاب: الأذان، باب: الأذان للفائت من الصلوات (٢/ ١٧) ولم يروه من أصحاب السنن غيره!! - وأحمد (٣/ ٢٥، ٤٩، ٦٧) والطيالسي (٢٢٣١)، والدارمي (١٥٣٢)، وأبو يعلى (٢/ح ١٢٩٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٤٠٢، ٤٠٣) (٣/ ٢٥١) وصححه ابن خزيمة (٩٩٦)، وابن حبان (٧/ ٢٨٩٠) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه قال: "شغلنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر، حتى غربت الشمس، وذلك قبل أن ينزل في القتال ما نزل، فأنزل الله ﷿: ﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾ فأمر رسول الله بلالًا فأقام لصلاة الظهر، فصلاها كما كان يصليها في وقتها، ثم أذن للمغرب، فصلاها كما كان يصليها في وقتها".
(٧٦٧) - " فتح الباري" (٢/ ٤٣٤).