للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدثني بعض آل أبي بكر أن عائشة كانت تقول: ما فقد جسد رسول الله ولكن أسري بروحه.

قال ابن إسحاق: فلم ينكر ذلك من قولها؛ لقول الحسن: إن هذه الآية نزلت ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَينَاكَ إلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴾ ولقول الله في الخبر عن إبراهيم: ﴿أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى﴾ قال [١]: ثم مضى علي ذلك فعرفت أن الوحي يأتي للأنبياء من الله أيقاظًا ونيامًا.

فكان رسول الله يقول: "تنام عيناي وقلبي يقظان" (٦١)، فالله أعلم أي ذلك كان قد جاءه وعاين فيه [٢] من الله فيه ما عاين علي أي حالاته، كان نائمًا أو يقظانًا، كل ذلك حق وصدق. انتهى كلام ابن إسحاق

وقد تعقبه أبو جعفر بن جرير في تفسيره بالرد والإنكار والتشنيع، بأن هذا خلاف ظاهر سياق القرآن، وذكر من [٣] الأدلة علي رده بعض ما تقدم، والله أعلم.

[فائدة حسنة جليلة]

روى الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في كتاب "دلائل النبوة" من طريق محمد بن عمر الواقدي، حدثني مالك بن أبي الرجال، عن عمرو بن عبد الله، [عن محمد] [٤] بن كعب القرظي قال: بعث رسول الله دحية بن خليفة إلي قيصر، فذكر وروده عليه وقدومه إليه. وفي السياق دلالة عظيمة على وفور عقل هرقل، ثم استدعى مَن بالشام من التجار، فجيء بأبي سفيان صخر بن حرب وأصحابه، فسألهم عن [٥] تلك المسائل المشهورة التي رواها البخاري ومسلم كما سيأتي بيانه (٦٢)، وجعل أبو [٦] سفيان


(٦١) - أخرجه أحمد (٦/ ٣٦، ٧٣، ١٠٤). والبخاري في صحيحه -كتاب التهجد، باب: قيام النبي في رمضان وغيره (١١٤٧) - (٣/ ٣٣). ومسلم في صحيحه -كتاب صلاة السافرين وقصرها، باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي في الليل - (١٢٥) - (٧٣٨) - (٦/ ٢٩). وأبو داود-كتاب الصلاة باب: في صلاة الليل - (١٣٤١ - (٢/ ٤٠). والترمذي -كتاب الصلاة، باب: ما جاء في وصف صلاة النبي بالليل - (٤٣٩) - (٣٠٣ - ٢/ ٣٠٢) كلهم من حديث عائشة مرفوعًا بلفظ "يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي" وفي الباب عن عدد من الصحابة- انظر الصحيحة للألباني (٦٩٦).
(٦٢) - تقدم تخريجه [سورة الأنعام / آية ٥٤].