للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير سورة سبأ وهي مكية]

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (٢) وَقَال الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٣)

يخبر تعالى عن نفسه الكريمة؛ أن له الحمد المطلق في الدنيا والآخرة، لأنه المنعم المتفضل على أهل الدنيا والآخرة، المالك لجميع ذلك، الحاكم في جميع ذلك، كما قال: ﴿وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيهِ تُرْجَعُونَ﴾؛ ولهذا قال هاهنا: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، أي: الجميع ملكه وعبيده وتحت قهره وتصرفه، كما قال: ﴿وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى﴾.

ثم قال: ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ﴾، فهو المعبود أبدًا، المحمود على طول المدى. وقال: ﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ﴾، أي في أقواله وأفعاله وشرعه وقَدَره، ﴿الْخَبِيرُ﴾ الذي لا تخفى عليه خافية، ولا يغيب عنه شيء.

وقال مالك عن [١] الزهري: خبير بخلقه، حكيم بأمره؛ ولهذا قال: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا﴾، أي: يعلم عدد القطر النازل في أجزاء الأرض، والحب المبذور والكامن فيها، ويعلم ما يخرج من ذلك. عدده وكيفيته وصفاته.

﴿وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ﴾، أي: من قطر ورزق، ﴿وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾، أي [٢]: من الأعمال الصالحة وغير ذلك، ﴿وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ﴾، أي: الرحيم بعباده فلا يعاجل عُصاتهم بالعقوبة، الغفور عن ذنوب التائبين إليه المتوكلين عليه.


[١]- سقط من: ز.
[٢]- سقط من: ز.