للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[تفسير] سورة الطارق [وهي مكية]]

قال عبد الله بن الإمام أحمد (١): حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن محمد -قال: عبد الله وسمعته أنا منه- حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، عن عبد الرحمن بن خالد بن أبي جبل العدواني، عن أبيه، أنه أبصر رسول الله في مشرق ثقيف وهو قائم على قوس -أو: عصى- حين أتاهم يبتغي عندهم النصر، فسمعته يقول: ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ﴾، حتى ختمها- قال: فوعيتها في الجاهلية وأنا مشرك، ثم قرأتها في الإسلام- قال: فدعتني ثقيف فقالوا: ماذا سمعت من هذا الرجل؟ فقرأتها عليهم، فقال من معهم من قريش: نحن أعلم بصاحبنا، لو كنا نعلم ما يقول حقًّا لاتبعناه.

وقال النسائي (٢): حدثنا عمرو بن منصور، حدثنا أبو نعيم، عن مسعر، عن محارب بن دثار، عن جابر قال: صلي معاذ المغرب، فقرأ البقرة والنساء، فقال النبي : "أفتان يا معاذ؟! ما كان يكفيك أن قرأ بالسماء والطارق، والشمس وضحاها، ونحو هذا! ".

﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيهَا حَافِظٌ (٤) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَينِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (٧) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (١٠)

يقسم تعالى بالسماء وما جعل فيها من الكواكب النيرة؛ ولهذا قال: ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ﴾، ثم قال: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ﴾، ثم فسره لقوله ﴿النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾.

قال قتادة وغيره: إنما سمى النجم طارقًا، لأنه إنما يرى بالليل ويختفى بالنهار. ويؤيده ما جاء في الحديث الصحيح: نهي أن يطرق الرجل أهله طروقًا (٣). أي: يأتيهم فجأة بالليل.


(١) زوائد السند (٤/ ٣٣٥) (١٩٠١١).
(٢) سنن النسائي، كتاب: التفسير، باب: سورة الطارق، حديث (١١٦٦٤) (٦/ ٥١٢).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب: النكاح، باب: لا يطرق أهله ليلًا إذا أطال الغيبة … ، حديث (٥٢٤٣) (٩ / =