للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (١٣)]

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الزمر: ١٣].

ثم قال تعالى: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} قوله: {عَذَابَ} مفعولُ {أَخَافُ}.

وقوله: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ} الخَوْفُ لا يمكن أن نُعرِّفه بأَبْيَنَ مِن لَفْظِه، فكُلُّنا يَعْرِفُ الخَوْف؛ ولهذا نقول: إنَّ الانفعالاتِ النَّفْسِيَّة لا يمكن لأحَدٍ أن يُعَرِّفَها؛ لأنَّه ليس هناك شيءٌ أَبْيَنُ مِن لَفْظِها أبدًا؛ لو قال إنسانٌ: عَرِّفْ لِيَ الكَراهَة فماذا تقول؟

تقول: (الكراهَةُ مَعْرُوفة)؛ فالكراهَةُ هي الكراهَةُ، وكذلك لو قال: عَرِّفْ لي المحبة؟ لا تَقْدِرْ أن تقول: المَحَبَّة هي المَحَبَّة.

ولو قال قائل: المَحَبَّة هي المَيْل؛ فالجواب: المَيْل آثارُ المَحَبَّة، فبعدما يُحِبُّ يَميل؛ ولهذا يقول ابنُ القَيِّم رَحِمَهُ اللهُ (١): لا يمكن أن نَحُدَّ المَحَبَّة بأَبْيَنَ مِن لَفْظِها أبدًا؛ فكُلُّ الذين عرَّفوها - فيها أكثر من عشرين تعريفًا - كُلُّهم إنما يُفَسِّرونَها بِلَوازِمِها ونتائجها. وصدق رَحِمَهُ اللهُ، فالانفعالات النَّفْسِيَّة لا يستطيع الإنسان أن يُعَرِّفَها بأكْثَرَ مِن لَفْظِها.


(١) انظر: طريق الهجرتين (ص ٣١٠)، ومدارج السالكين (٣/ ١١).

<<  <   >  >>