للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} يُخوِّفونكم لقاءَ هذا اليومِ، حيث أَخبَروكم به وأَخبَروكم بما فيه من الأهوال العِظام، فلم يَبقَ لكم عُذْر؛ ولهذا أَقَرُّوا: {قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}.

قوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {قَالُوا بَلَى} يَعنِي: قد أَتانا رُسُل مِنَّا يَتلون علينا آياتِ ربِّنا ويُنذِروننا لِقاء يومِنا هذا، {وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} وهذا هو الذي منَعَنا من طاعة الرُّسُل.

وقوله تعالى: {حَقَّتْ} بمَعنَى: وجَبَت وثبَتَت، و {كَلِمَةُ الْعَذَابِ} هي الكلِمة التي يَستَوْجبون بها العَذاب، وفي هذه الكلِمةِ - {كَلِمَةُ الْعَذَابِ} - قولان:

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: هي قول الله تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود: ١١٩]، هذه هي الكلِمة؛ فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى التَزَم لجَهَنَّمَ بمَلْئها من الجِنَّة والناس أَجمَعين، فإذا كان قدِ التَزَم للنار بمَلْئها، فلا بُدَّ أن يَخلُق لها أقوامًا يُكذِّبون الرُّسُل ليَستَحِقُّوا نار جهنَّمَ - والعِياذُ بالله -.

وقيل: إن الكلِمة - {كَلِمَةُ الْعَذَابِ} - هي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ} [يونس: ٩٦, ٩٧]، فإنها لما حقَّتْ عليهم كلِمة الله تعالى امتَنَع إيمانهم، ولكن هنا يَقول الإنسان: هل هذا من باب الاحتِجاج بالقدَر، أم من باب الاعتِراف بالواقِع؟

الجَوابُ: الثاني؛ لأنه لا يُمكِن أن يَحتَجُّوا بالقدَر في ذلك المَوْضِعِ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: بَيان إهانة الكُفَّار عند دُخولهم النار؛ لكونهم يُساقون بعُنْف ويُدَعُّون دعًّا.

<<  <   >  >>