للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة التحريم]

سورةُ التحريمِ سورةٌ مدَنيَّةٌ بلا خلافٍ (١)، ذكَرَ اللَّهُ فيها حُكْمَ تحريمِ الحلالِ على النَّفْسِ وما وقَعَ مِن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك، وحُكْمَ ذلك وكفَّارتَه، وبيانَ بعضِ حالِ النبيِّ مع أزواجِه، وذكَرَ اللَّهُ المُنافِقِينَ والكافِرِينَ وأمَرَ بجهادِهم والشِّدَّةِ عليهم.

* قال اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم: ١ - ٢].

قد حرَّم النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا، وقد اختُلِفَ في عَيْنِ ما حرَّمه على نفسِه، وقد ورَدَ في نزولِ سورةِ التحريمِ أسبابٌ متعدِّدةٌ، ولكنَّ أصَحَّ ما جاء في نزولِها ما ثبَتَ في "الصحيحَيْنِ"، عن عائشةَ؛ قالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَشْرَبُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَيَمْكُثُ عِنْدَهَا، فَوَاطَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ عَلَى: أَيَّتُنَا دَخَلَ عَلَيْهَا، فَلْتَقُلْ لَهُ: أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مغَافِيرَ! قَالَ: (لَا، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَشْرَبُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَلَنْ أَعُودَ لَهُ، وَقَدْ حَلَفْتُ، لا تُخْبِرِي بِذَلِكِ أَحَدًا) (٢).

وإنَّما قُلْنَ ذلك لتنفيرِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِن الإكثارِ مِن الدخولِ على بعضِ


(١) "تفسير القرطبي" (٢١/ ٦٧).
(٢) أخرجه البخاري (٤٩١٢)، ومسلم (١٤٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>