للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْل

وأما أصحاب أبي حنيفة فإنهم قالوا على الرواية المشهورة: إن أول وقت العصر إذا كان الظل مثليه (١)، وآخر وقتها غروب الشمس (٢).

وقد تقدم الكلام في أن آخر وقت الظهر إذا صار الظل مثله، وأنه أول وقت العصر، فتلك الدلائل لا تورد عليهم، فإذا ثبت لنا أن أول العصر إذا صار الظل مثله (٣)؛ ثبت قولنا في أن آخرها إذا صار الظل مثليه في الاختيار.

فإن قيل: فإن النبي قال: "من فاتته العصر حتى غابت الشمس كأنما وتر أهله وماله" (٤).


(١) وهو قول خالف صاحبه الأخبار الثابتة عن رسول الله ، والنظر غير دال عليه، ولا نعلم أحدًا سبق قائل هذا القول إلى مقالته، وعدل أصحابه عن القول به فبقي قوله منفردًا لا معنى له. الأوسط (٣/ ٢١).
وحكى أبو عصمة عن أبي سليمان عن أبي يوسف قال: خالفت أبا حنيفة في وقت العصر فقلت: أوله إذا زاد الظل على قامة اعتمادًا على الآثار التي جاءت به. المبسوط (١/ ١٤٤).
(٢) وقال الحسن بن زياد : تغير الشمس إلى الصفرة. المبسوط (١/ ١٤٤) وانظر أيضًا التجريد (١/ ٣٨٧).
(٣) وقال ابن حجر: "ولم ينقل عن أحد من أهل العلم مخالفة في ذلك إلا عن أبي حنيفة، فالمشهور عنه أنه قال: أول وقت العصر مصير ظل كل شيء مثليه بالتثنية، قال القرطبي: خالفه الناس كلهم في ذلك حتى أصحابه - يعني الآخذين عنه -، وإلا فقد انتصر له جماعة ممن جاء بعدهم فقالوا: ثبت الأمر بالإبراد ولا يحصل إلا بعد ذهاب اشتداد الحر، ولا يذهب في تلك البلاد إلا بعد أن يصير ظل الشيء مثليه، فيكون أول وقت العصر مصير الظل مثليه، وحكاية مثل هذا تغني عن رده". الفتح (٢/ ٤٣١).
(٤) تقدم تخريجه (٤/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>