للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْل في الاستدلال والقياس (١)

ثم دل الكتاب على الاستنباط والاستدلال في غير موضع، قال الله تعالى: ﴿فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ﴾ (٢).

وقال تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ (٣).


(١) العنوان غير موجود في (س).
(٢) سورة الحشر الآية (٢) وهذا فيه أمر بالاعتبار، والقياس في أحكام الحوادث ضرب من الاعتبار، فوجب استعماله بظاهر الآية. أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٥٧٣).
وقال الباجي: "والاعتبار عند أهل اللغة هو تمثيل الشيء بغيره، وإجراء حكمه عليه، ومساواته به، وقد روي عن ثعلب أنه فسر قوله تعالى ﴿فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ﴾ بأن المراد به القياس، وأن الاعتبار هو القياس، وهو ممن يعوَّل على قوله في اللغة والنقل عن العرب". إحكام الفصول (٢/ ٥٥٩).
(٣) سورة النساء، الآية (٥٩).
وذكر الألوسي أن هذه الآية متضمنة لجميع الأدلة الشرعية، "فإن المراد بإطاعة الله العمل بالكتاب، وبإطاعة الرسول العمل بالسنة، وبالرد إليهما القياس؛ لأن رد المختلف فيه غير المعلوم من النص إلى المنصوص عليه إنما يكون بالتمثيل والبناء عليه، وليس القياس شيئًا وراء ذلك، وقد علم من قوله سبحانه ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ﴾ أنه عند عدم النزاع يعمل بما اتفق عليه، وهو الإجماع". روح المعاني (٥/ ٦٦).
وقد استدل بهذه الآية على بطلان القياس، لأنه تعالى أوجب الرد إلى خصوص الكتاب والسنة دون القياس، وأجاب الجمهور بأنه لا دليل لهم في الآية؛ لأن إلحاق غير المنصوص بالمنصوص لوجود معنى النص فيه؛ لا يخرج عن الرد إلى الكتاب والسنة. انظر أضواء البيان (١/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>