للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن من تعلق حقه بشيء؛ لم يلزمه نقله إلى غيره، وأما الذي عليه الحق فإنه يلزمه دفعه إلى من يراد منه دفع الحق إليه كما يوكل عليه، فلزمه دفعه إلى الوكيل أو غيره ممن يوهب له أو يتصدق عليه إذا رضي له به، وليس له أن يتخير غير من يستوفيه منه.

وقولكم: "إن صاحب الحق قد يكون أسمح نفسًا"؛ فإنه باطل بالوكيل؛ لأنه لا خلاف أنه يجزئه دفعه إلى الوكيل، وإن كان صاحب الدين أسمح من الوكيل.

فَصْل

فأما إذا كان المحال (٧٨) عدوًا للمحال عليه؛ لم يلزمه قبول الحوالة عندنا، وكذلك لو وكل عليه عدوًا له؛ لم يلزمه الوكالة؛ للضرر الذي يدخله المحتال والوكيل الذي عليه الحق بتشفيهما وسوء المطالبة من غير ضرورة لصاحب الحق إلى ذلك، وقد قال : "لا ضرر ولا إضرار" (١)، وهو يمكنه أخذ حقه بنفسه وبغير عدو لمن عليه الحق، فإذا وكل أو أحال عليه عدوه؛ فقد قصد الضرر الممنوع منه، وللمحال عليه الامتناع من ذلك، ألا ترى أن شهادة هذا المحال والوكيل إذا كانا عدوين له؛ مردودة لما يتهمان فيه من الإضرار به بشهادتهما عليه، فكذلك لا يلزمه قبول الحوالة والوكالة عليه لما يتهمان فيه من التشفي وسوء العشرة، وأخذ الحق على أقبح وجوهه، وأوجب علينا صيانة عرضه، وإزالة الضرر عنه.

فإن قيل: فقد قال : "وإذا أحيل أحدكم على مليء فليحتل" (٢).


(١) تقدم تخريجه (٦/ ١١٧).
(٢) تقدم تخريجه (٦/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>