للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي جعلت أول الليل فلا فصل، فكأنه مشترك بينهما، فلم يمكن الفصل بينهما، وبين الوجه والرأس فصل بيِّن، فلم يلزم ما ذكرتموه، والله أعلم.

مَسْألة (١٣):

غسل القدمين في الوضوء مع القدرة عليه فرض عند مالك وأبي حنيفة والشافعي، وجميع الفقهاء.

وبه قال أنس بن مالك (١)، وربيعة، والأوزاعي، وأهل الشام، وعبيد الله بن الحسن البصري، وأهل البصرة، وسفيان الثوري، وأبو ثور، وأحمد.

وذهب ابن جرير الطبري إلا أن الغسل يجوز، ومسح جميع القدمين يجوز، وأن الإنسان مخير بين الغسل والمسح على هذه الصفة (٢).


(١) وهو الذي حكاه عنه ابن المنذر (٢/ ٦١) وغيره، وسيأتي عنه ما يفهم خلاف هذا.
(٢) ممن نقل عن ابن جرير القول بذلك ابن عبد البر في التمهيد (٢/ ٤٢) وابن رشد في بداية المجتهد (١/ ٣٨٣) والنووي في المجموع (٢/ ٤٤٨) وابن قدامة في المغني (١/ ١٦٧) وغيرهم. وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (٢/ ٥١٤): "ومن نقل عن أبي جعفر بن جرير أنه أوجب غسلهما للأحاديث، وأوجب مسحهما للآية؛ فلم يحقق مذهبه في ذلك، فإن كلامه في تفسيره إنما يدل على أنه أراد أنه يجب ذلك الرجلين من دون سائر أعضاء الوضوء، لأنهما يليان الأرض والطين وغير ذلك، فأوجب دلكهما ليذهب ما عليهما، ولكنه عبر عن الدلك بالمسح، فاعتقد من لم يتأمل كلامه أنه أراد وجوب الجمع بين غسل الرجلين ومسحهما، فحكاه من حكاه كذلك، ولهذا يستشكله كثير من الفقهاء وهو معذور، فإنه لا معنى للجمع بين المسح والغسل، سواء تقدمه أو تأخر عليه لاندراجه فيه، وإنما أراد الرجل ما ذكرته، والله أعلم، ثم تأملت كلامه أيضًا فإذا هو يحاول الجمع بين القراءتين في قوله ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ خفضا على المسح وهو الدلك، ونصبًا على الغسل، فأوجبهما أخذًا بالجمع =

<<  <  ج: ص:  >  >>