للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وغيرهما: ولا يتلفظ بها كما هي رواية في مذهب الإمام أحمد وغيره أنها مستحبة واحتجوا بالأثر «لبيك عمرة وحجًا» (١) وكذلك بالنظر قالوا: اجتماع جارحتين في عمل آكد وأولى.

وعلى هذا ليست من أعمال الجوارح، وإنما هي من أعمال القلوب يكفي في ذلك قصد القلب وعزيمته، وأما التلفظ بها فهذا لم يكن عليه النبي ولا صحابته إذْ لم يرد عن النبي إذا أراد الصلاة أو الوضوء قال: نويت أن أصلي، أو أتوضأ، أو أغتسل … إلخ. وأما بالنسبة للحج والعمرة فهو تصريح بالمنوي وليس بالنية. ولهذا لا يشرع للإنسان إذا أراد أن يحرم بالحج أو العمرة أن يقول نويت العمرة، أو نويت الحج، وإنما يلبي بالمنوي إظهارًا لشعيرة الله ﷿ فإذا أراد الحج قال: «لبيك حجًا» وإذا أراد العمرة قال: «لبيك عمرة» ولا يشرع أن يقول نويت العمرة متمتعًا بها إلى الحج … إلخ، أو قصدت الحج … إلخ، فالإيراد الذي يأتي في الحج نقول: بأن الحج إظهار للمنوي وليس إظهارًا للنية، فالتلبية شعيرة النسك وهي تحدث بعد نية العمل. صح عن ابن عمر أنه أنكر على رجل قال: «اللهم إني أريد حجًا أو عمرة» (٢) قال ابن رجب «في شرح الأربعين» هذا خبر صحيح عنه.

[مسألة: هل النية شرط أو ركن في العبادات؟]

هذا مما وقع الخلاف فيه، والفرق بين الشرط والركن: أن الشرط يكون سابقًا للمشروط بينما الركن جزء من أجزائه.

وإذا تقرر لنا أن النية تسبق الفعل فإنها حينئذ تكون شرطًا وأما النية المقارنة للفعل، فإنها ركن في العبادة وهذا يجرنا إلى مبحث وهو:


(١) أخرجه البخاري رقم (٤٣٥٣)، ومسلم رقم (١٢٣٢).
(٢) رواه البيهقي (٥/ ٤٠).

<<  <   >  >>