للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٣ - ما لمْ يكُ التِّخْصيصُ ذِكرَ البعضِ … مِنَ العُمُومِ فالعُمُومَ أَمْضِ

هذه قاعدة أيضًا مفيدة وهي: [أن ذكر بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص].

مثال ذلك: إذا قلت: (أكرم الطلبة) هذا يشمل كل الطلبة، ثم قلت بعد ذلك: (أكرم زيدًا)، لا يقتضي التخصيص هنا، لا نقول: الإكرام خاص بزيد بل شامل لكل الطلبة وإنما ذكرت زيدًا لكي تعتني به أكثر، أو لكي تزيد في إكرامه.

ومن ذلك: ما ثبت في الصحيحين من حديث جابر قال: «قضى النبي بالشفعة في كل مالٍ لم يقسَم» يشمل العقار، والمنقول قال بعد ذلك: «فإذا وقعت الحدود وصُرِّفَت الطرق فلا شفعة» (١) وقوله بعد ذلك: (فإذا وقعت الحدود، وصُرِّفَت الطرق فلا شفعة). هنا ذكر النبي بعض أفراد العام بحكم يوافق العام، فنقول: لا يقتضي التخصيص، لا نقول: إن قوله: (قضى بالشفعة في كل مال لم يقسم) أنه خاص بالعقار؛ لأن النبي قال: «إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة» بل نقول بأن قوله: «إذا وقعت الحدود وصُرَّفت الطرق فلا شفعة «لا يقتضي التخصيص؛ لأن ذكر بعض أفراد العام بحكم يوافق العام لا يقتضي التخصيص.

مثال آخر: تقول: (أكرم الطلبة، ثم قلت: أكرم زيدًا) فقولك: (زيدًا) ذكر لبعض أفراد العام بحكم يوافق العام وهو الإكرام، فلا يقتضي التخصيص، ولو قلت: (أكرم الطلبة) ثم قلت: (لا تكرم زيدًا) لقلنا: بأنه يقتضي التخصيص؛ لأنه يخالف العام ولا يوافقه.

انتهت هذه المنظومة المباركة نسأل الله أن يغفر لناظمها ويتجاوز عنه، ويسكنه فسيح جناته، وأن يجعل ما كتبه، ونَظَمَهُ في ميزان حسناته، وأن يغفر لنا، ويرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلًا


(١) أخرجه البخاري رقم (٢٢١٣)، ومسلم رقم (١٦٠٨).

<<  <   >  >>