للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فصلٌ: في العاقِلَةِ وما تَحمِلُه.

العاقلةُ: مِنْ عَقَلَ، والعَقلُ في اللُّغةِ له معانٍ كثيرةٌ، ومنها:

الحِجرُ، والنُّهَى ضدُّ الحُمقِ، والتَّثبُّت في الأمورِ، والحَبسُ، والدِّيَةُ.

واصطلاحًا: ذُكورُ عَصَباتِ القاتلِ، كالآباءِ، والأبناءِ، والإخوةِ وبَنِيهِم، والأعمامِ وبَنِيهِم، قَريبُهم، وبَعيدُهم، كابنِ ابنِ ابنِ عَمِّ جَدِّ الجانِي، حاضرُهم وغائبُهم، يًحملون الدِّيَةَ عن القاتلِ.

والأصلُ في ذلك: ما روَى أبو هريرةَ قال: "قضَى رسولُ اللهِ في جَنينِ امرأةٍ مِنْ بَنِي لَحْيانَ سقَطَ مَيتًا بِغُرَّةٍ -دِيَةِ جَنينٍ- عبدِ أو أَمَةٍ، ثُم إنَّ المرأةَ التي قُضِي عليها بالغُرَّةِ تُوفِّيَت، فقضَى رسولُ اللهِ بأنَّ مِيراثَها لِبَنِيها وزَوجِها، وأنَّ العَقْلَ على عَصَبَتِها". متَّفق عليه.

ولِما ورَد عن عمرَ أنه بعثَ إلى امرأةٍ، ففَزِعَت فأجهَضَت ذا بَطنِها، فاستشارَ الصَّحابةَ في ذلك فقال عليٌّ: إنَّ دِيَتَه عليك لأنَّك أَفزعتَها، فقال عمرُ: عَزمتُ عليكَ لَمَا قَسَمتَها على قومِكَ -أي: الدِّيَةَ- أخرجَه ابنُ أَبي شَيبةَ، وعبدُ الرَّزاقِ.

وحُكِي الإجماعُ على مشروعيَّةِ العاقلةِ.

شُروطُ العاقلةِ: يُشترط لِمَنْ يَحمل الدِّيَةَ عن القاتلِ شُروطٌ:

١ - الحُرَّية، فلا عَقلَ على رَقيقٍ؛ لأنه لا يَملِك، ولو مَلَك فمِلكُه ضَعيفٌ.

٢ - التَّكليفُ، فلا عَقلَ على صَغيرٍ ومجنونٍ؛ لِما ورَد عن عليٍّ عن

<<  <   >  >>