للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فصلٌ: في الجِنايةِ على النَّفْسِ.

القَتلُ المحرَّم: هو الاعتداءُ ظُلمًا وعُدوانًا على نَفسِ مَعصومِ الدَّمِ.

وقد دلَّ على حُرمتِه القرآنُ كما في قولِه: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾ [الأنعَام: ١٥١].

ولحديثِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ أنَّ النبيَّ قال: «لا يَحِلُّ دَمُ امرِئٍ مُسلمٍ يَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ وأنِّي رسولُ اللهِ إلاّ بإحدَى ثلاثٍ: النَّفسُ بالنَّفسِ، والثَّيِّبُ الزَّاني، والتَّاركُ لدِينِه المفارقُ للجماعةِ» متَّفَق عليه.

والإجماعُ منعقدٌ على ذلك.

ومَن قَتلَ مسلمًا عمدًا عُدوانًا فَسَق، وأَمرُه إلى الله، إنْ شاءَ عذَّبَه، وإنْ شاء غفَرَ له، وتَوبتُه مَقبولةٌ لقولِه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا *يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً *إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا *﴾ [الفُرقان: ٦٨ - ٧٠]، ولقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النِّسَاء: ٤٨].

ولحديثِ عمرِو بنِ العاصِ أنَّ النبيَّ قال: «التوبةُ تَجُبُّ ما قَبلَها». رواه مسلم، وقال ابنُ القَيِّمِ في الجوابِ الكَافي ص ١٠٢: "والتَّحقيقُ أنَّ القَتلَ تَتعلَّقُ به ثلاثةُ حُقوقٍ: حقٌّ للهِ، وحقٌّ للمَقتولِ، وحقٌّ للوَليِّ، فإذا

<<  <   >  >>