للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهة الأب، مات في سنة ثمان وستين وثمانمائة بنصير آباد فدفن بحظيرة الخطباء، كما في

مآثر السادات للسيد الوالد.

محمود شاه الخلجي المندوي

الملك المؤيد محمود بن المغيث الخلجي المندوي السلطان الكريم كان من كبار الأمراء في

عهد هوشنك شاه الغوري المندوي وأخلافه، ثم من الله سبحانه عليه بالسلطنة فاستقل

بالملك بعد ممد شاه الغوري يوم الإثنين التاسع والعشرين من شهر شوال سنة تسع وثلاثين

وثمانمائة وله أربع وثلاثون سنة ووالده كان حياً فجعله أمير الأمراء، وافتتح أمره بالعدل

والإحسان وإيصال النفع إلى الناس ورد المظالم وسد الثغور والجهاد في سبيل الله سبحانه،

وأرسل النقود والتحائف الثمينة إلى أرباب الكمال فاجتمع لديه خلق كثير من العلماء

ووفدوا إليه من بلاد شاسعة فصارت سدته محطة لأرباب الفضل، فأسس مدرسة عظيمة

ببلدة مندو وأجرى على العلماء وطلبة العلم الأرزاق والرواتب، ثم أسس مارستاناً كبيراً

في سنة تسع وأربعين وثمانمائة وولاها مولانا فضل الله الحكيم، وأمره بتفقد أخبار المرضى

والمجانين.

وكان ملكاً كريماً، له من معرفة الحقائق ومحبة معالي الأمور ونزاهة النفس والعفة والصيانة

والجودة والخبرة وحسن مسلك الرئاسة والسياسة ما لا يمكن وصفه، ولذلك طار صيته في

الآفاق ووفد عليه سنة سبعين وثمانمائة شرف الملك الحاجب بخلعة الخلافة من المستنجد

بالله يوسف بن محمد العباسي أحد الخلفاء المصريين فأكرم مقدمه بتلقيه وبخروج إليه بأكثر

تابعيه ولبس الخلعة، وذكر الخليفة معه في الخطبة، وفي سنة إحدى وسبعين وصل إليه

مولانا عماد الدين بخرفة شيخ الإسلام نجم الدين الخوارزمي المشهور بالكبرى فتلقاه بأدب

واحترام وسلك معه سلوكاً يستفيض به البركة المنسوبة إليه فيها، وكانت مدته أربعاً وثلاثين

سنة.

مات في التاسع عشر من ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة، كما في تاريخ فرشته.

خواجه عماد الدين محمود الكيلاني

الشيخ الفاضل الكبير عماد الدين محمود بن محمد بن أحمد الكيلاني المشهور بمحمود

كاوان ويقال له ملك التجار وخواجه جهان كان من أبناء الملوك والوزراء، ولد نحو سنة

ثلاث عشرة وثمانمائة وخرج للعلم فدخل القاهرة ولقي بها الشيخ شهاب الدين أحمد بن

حجر العسقلاني وأخذ عنه ودخل الشام وساح البلاد الكثيرة وأخذ العلم، ثم استرزق

بالتجارة ودخل الهند من بندر دائل وله ثلاث وأربعون سنة فرحل إلى أرض الدكن وتقرب

إلى علاء الدين شاه البهمني وتدرج إلى الإمارة، لقبه همايون شاه البهمني بملك التجار

واستوزره وجعله جملة الملك ثم لقبه محمد شاه البهمني بخواجه جهان وأضاف في منصبه

وكلهم كانوا يوقرونه ويتلقون إشاراته بالقبول.

وكان عالماً كبيراً بارعاً في المعقول والمنقول لا سيما الفنون الرياضية وصناعة الطب

والإنشاء وقرض الشعر وكان باذلاً سخياً شجاعاً حسن العقيدة حسن الفعال يجزل على

أهل العلم صلات جزيلة ويرسلها إلى خراسان وما وراء النهر والعراق وكان لا يأكل مما

يحصل له من أقطاع الأرض شيئاً بل يصرفها على مستحقيها، وكان يحفظ رأس ماله وينميه

بالتجارة فيأكل ما يحصل له منها، وله آثار باقية في أرض الدكن منها المدرسة العظيمة

بأحمد آباد بيدر وتلك العمارة في غاية الحسن والحصانة لا يوجد لها نظير في بلاد الدكن

بناها في سنة ست وسبعين وثمانمائة وتاريخه ربنا تقبل منا.

ومن مصنفاته اللطيفة مناظر الإنشاء كتاب مفيد في بابه، وديوان الشعر الفارسي، وله

رسائل إلى الشيخ عبد الرحمن الجامي وللجامي قصائد في مدحه، منها:

هم جهان را خواجه وهم فقر را ديباجه اوست آية الفقر ولكن تحت أستار الغنا

وللجامي فيه:

جامي اشعار دلآويز تو جنسي است لطيف بودنش از حسن بود لطف معاني تارش

<<  <  ج: ص:  >  >>