للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يقول: إن الشيخ ولي الله مثله كمثل شجرة

طوبى أصلها في بيته وفرعها في كل بيت من بيوت المسلمين، فما من بيت ولا مكان من بيوت

المسلمين وأمكنتهم إلا وفيه فرع من تلك الشجرة لا يعرف غالب الناس أين أصلها.

وقال السيد صديق حسن القنوجي في الحطة بذكر الصحاح الستة في ذكر من جاء بعلم الحديث في

الهند: ثم جاء الله - سبحانه وتعالى - من بعدهم بالشيخ الأجل والمحدث الأكمل ناطق هذه الدورة

وحكيمها وفائق تلك الطبقة وزعيمها الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي المتوفي سنة ست

وسبعين ومائة وألف وكذا بأولاده الأمجاد وأولاد أولاده أولى الإرشاد المشمرين هذا العلم عن ساق

الجد والاجتهاد فعاد لهم علم الحديث غضاً طرياً بعد ما كان شيئاً فرياً وقد نفع الله بهم وبعلومهم كثيراً

من عباده المؤمنين ونفى بسعيهم المشكور من فتن الإشراك والبدع ومحدثات الأمور في الدين ما ليس

يخاف على أحد من العالمين فهؤلاء الكرام قد رجحوا علم السنة على غيرها من العلوم وجعلوا الفقه

كالتابع له والمحكوم وجاء تحديثهم حيث يرتضيه أهل الرواية ويبغيه أصحاب الدراية، شهدت بذلك

كتبهم وفتاويهم ونطقت به زبرهم ووصاياهم ومن يرتاب في ذلك فليرجع إلى ما هنالك فعلى الهند

وأهلها شكرهم ما دامت الهند وأهلها:

من زار بابك لم تبرح جوارحه تروي أحاديث ما أوليت من منن

فالعين عن قرة والكف عن صلة والقلب عن جابر والسمع عن حسن

وقال القنوجي المذكور في أبجد العلوم: كان بيته في الهند بيت علم الدين وهم كانوا مشايخ الهند في

العلوم النقلية بل والعقلية، أصحاب الأعمال الصالحات وأرباب الفضائل الباقيات، لم يعهد مثل علمهم

بالدين علم بيت واحد من بيوت المسلمين في قطر من أقطار الهند وإن كان بعضهم قد عرف بعض

علم المعقول وعد على غير بصيرة من الفحول ولكن لم يكن علم الحديث والتفسير والفقه والأصول

وما يليها إلا في هذا البيت لا يختلف في ذلك من موافق ولا مخالف إلا من أعماه الله عن الإنصاف

ومسته العصبية والاعتساف، وأين الثرى من الثريا والنبيذ من الحميا؟ والله يختص برحمته من

يشاء، انتهى.

وأما مصنفاته الجيدة الحسان الطيبة

فكثيرة، منها ما تدل على سعة نظره وغزارة علمه فتح الرحمن في ترجمة القرآن بالفارسية وهي

على شاكلة النظم العربي في قدر الكلام وخصوص اللفظ وعمومه وغير ذلك.

ومنها الزهراوين في تفسير سورة البقرة وآل عمران.

ومنها الفوز الكبير في أصول التفسير ذكر فيه العلوم الخمسة القرآنية وتأويل الحروف المقطعات

وحقائق أخرى.

ومنها تأويل الأحاديث رسالة نفيسة له بالعربية في توجيه قصص الأنبياء عليهم السلام وبيان مباديها

التي نشأت من استعداد النبي وقابلية قومه ومن التدبير الذي دبرته الحكمة الإلهية في زمانه.

منها فتح الخيبر وهو الجزء الخامس من الفوز الكبير اقتصر فيه على غريب القرآن وتفسيره مما

روى عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه.

ومنها رسالة نفيسة له بالفارسية في قواعد ترجمة القرآن وحل مشكلاتها.

ومنها منهيانه على فتح الرحمن جمعها في رسالة مفردة له.

ومن مصنفاته في الحديث وما يتعلق به:

المصفي شرح الموطأ برواية يحيى بن يحيى الليثي مع حذف أقوال الإمام وبعض بلاغياته تكلم فيه

ككلام المجتهدين.

ومنها المسوي شرح الموطأ فيه على ذكر اختلاف المذاهب وعلى قدر من شرح الغريب.

ومنها شرح تراجم الأبواب للبخاري أتى فيه بتحقيقات عجيبة وتدقيقات غريبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>