للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قائما في مكاني حتى قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم صلاته وانصرف، فتبعته حتى دخل بين دار عباس ودار ابن أزهر أدركته، فلما سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم حسّي عرفني فظن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنما تبعته لأوذيه فنهمني ثم قال: ما جاء بك يا بن الخطاب هذه الساعة؟ قلت: جئت لأومن باللَّه ورسوله وبما جاء من عند اللَّه. قال: فحمد اللَّه تعالى ثم قال: قد هداك اللَّه يا بن الخطاب. ثم مسح صدري ودعا لي بالثبات. ثم انصرفت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم.

ودخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيته

[ (١) ] .

وفي رواية إن خبّابا لمّا قال لعمر: فاللَّه اللَّه يا عمر. قال له عمر عند ذلك: دلّني يا خبّاب على محمد حتى آتيه فأسلم. فقال خبّاب: هو في بيته عند الصفا معه نفر من أصحابه.

فأخذ عمر سيفه متوشحة ثم عمد إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم وأصحابه فضرب عليهم الباب، فلما سمعوا صوته قام رجل من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فنظر من خلل الباب فرجع وهو فزع فقال:

يا رسول اللَّه هذا عمر بن الخطاب متوشّحا السيف، فقال حمزة بن عبد المطلب: فأذن له فإن كان يريد خيرا بذلناه له وإن كان جاء يريد شرا قتلناه بسيفه. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم: ائذن له فإن يرد اللَّه به خيرا يهده فأذن له الرجل وفتحوا له، وأخذ رجلان بعضديه حتى دنا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: أرسلوه. فأرسلوه، فنهض إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم حتى لقيه في الحجرة فأخذ بحجزته أو بمجمع ردائه ثم جبذه جبذة شديدة وقال: ما جاء بك يا بن الخطاب؟ فو اللَّه ما أراك أن تنتهي حتى ينزل اللَّه بك قارعة. فقال: رسول اللَّه جئت لأومن باللَّه وبرسوله وبما جاء من عند اللَّه. فكبّر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إن عمر قد أسلم، فكبّروا تكبيرة سمعت بطرق مكة وتفرّقوا من مكانهم وقد عزّوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة وعرفوا أنهما سيمنعان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وينتصفون بهما من عدوّهم.

وقال عمر حين أسلم.

الحمد للَّه ذي المنّ الّذي وجبت ... له علينا أياد كلّها عبر

وقد بدأنا فكذّبنا فقال لنا ... صدق الحديث نبيّ عنده الخبر

وقد ظلمت ابنة الخطّاب ثمّ هدى ... ربيّ وقالوا جميعا قد صبا عمر

وقد ندمت على ما كان من زللي ... بظلمها حين تتلى عندها السّور

لمّا دعت ربّها ذا العرش خالقها ... وأنّ أحمد فينا اليوم مشتهر

نبيّ صدق أتى بالحقّ من ثقة ... وافي الأمانة ما في وعده خور

[ (١) ]


[ (١) ] انظر البداية والنهاية ٣/ ٨١.